٤٣٥٩ - يا لَهْفَ نفسي ولَهْفي غيرُ مُجْديَةٍ * عَنِّي وما مِنْ قضاءِ الله مُلْتَحَدُ
أي: مَهْرَبٌ ومَذْهَبٌ.
* ﴿ إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ﴾
قوله: ﴿إِلاَّ بَلاَغاً﴾: فيه أوجهٌ، أحدُها: أنه استثناءٌ منقطعٌ. أي: لكنْ إنْ بَلَّغْتُ عن اللَّهِ رَحِمني؛ لأنَّ البلاغَ من الله لا يكونُ داخلاً تحت قولِه: ﴿وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً﴾، لأنه لا يكونُ مِنْ دونِ اللَّهِ، بل يكونُ من اللَّهِ وبإعانتِه وتوفيقِه. الثاني: أنه متصلٌ. وتأويلُه: أنَّ الإِجارةَ مستعارةٌ للبلاغِ، إذ هو سببُها، وسببُ رحمتِه تعالى، والمعنى: لن أجِدَ سبباً ميلُ إليه وأعتصمُ به، إلاَّ أَنْ أُبَلِّغَ وأُطيعَ، فيُجيرَني. وإذا كان متصلاً جاز نصبُه من وجهين، أحدهما: وهو الأرجح أَنْ يكونَ بدلاً مِنْ "مُلْتحداً"؛ لأنَّ الكلامَ غيرُ موجَبٍ. والثاني: أنه منصوبٌ على الاستثناءِ، وإلى البدليةِ ذهب أبو إسحاق. الثالث: أنه مستثنى مِنْ قولِه: ﴿لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً﴾ قال قتادة: أي لا أَمْلِكُ لكم إلاَّ بلاغاً إليكم.
وقرَّره الزمخشريُّ فقال: "أي: لا أَمْلِكُ إلاَّ بلاغاً من اللَّهِ، و ﴿قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي﴾ جملةٌ معترضةٌ اعترضَ بها لتأكيدِ نَفْيِ الاستطاعة". قال الشيخ: "وفيه بُعْدٌ لطولِ الفَصْلِ بينهما". قلت: واين الطولُ وقد وقع الفَصْلُ بأكثرَ مِنْ هذا؟ وعلى هذا فالاستثناءُ منقطعٌ. الرابع: أنَّ الكلامَ ليس استثناءً بل شرطاً. والأصل: إنْ لا فأدغم فـ"إنْ" شطريةٌ، وفعلُها محذوفٌ لدلالةِ مصدرِه والكلامِ الأولِ عليه، و "لا" نافيةٌ والتقدير: إن لا أُبَلِّغْ بلاغاً من اللَّهِ فلن يُجيرَني منه أحدٌ. وجَعَلوا هذا كقولِ الشاعر:
٤٣٦٠ - فطَلِّقْها فَلَسْتَ لها بكُفْءٍ * وإلاَّ يَعْلُ مَفْرِقَكَ الحُسامُ
(١٤/١٢٧)