قوله: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ﴾: العامَّةُ على رفعِهِ: إمَّا بدلاً مِنْ "ربي"، وإمَّا بياناً له، وإمَّا خبراً لمبتدأ مضمرٍ أي: هو عالِمُ. و قُرِىء بالنصبِ على المدحِ. وقرأ السُّدِّي "عَلِمَ الغيبَ" فعلاً ماضياً ناصباً للغيب.
قوله: ﴿فَلاَ يُظْهِرُ﴾ العامَّةُ على كونِه مِنْ أظْهر. و "أحَداً" مفعولٌ به. وقرأ الحسن "يَظْهَرُ" بفتحِ الياءِ والهاءِ، مِنْ ظَهَر ثلاثياً. "أحَدٌ" فاعلٌ به.
* ﴿ إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ﴾
قوله: ﴿إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى﴾: يجوزُ أَنْ يكونَ منقطعاً أي: لكن مَنْ ارتضاه فإنه يُظْهِرُه على ما يشاءُ مِنْ غَيْبِه بالوَحْيِ. وقولُه: "مِنْ رسولٍ" بيانٌ للمُرْتَضِيْنَ.
وقوله: ﴿فَإِنَّهُ يَسْلُكُ﴾ بيانٌ لذلك. وقيل: هو متصلٌ. و "رَصَداً" قد تقدَّم الكلامُ عليه. ويجوزُ أَنْ تكونَ "مَنْ" شرطيةً أو موصولةً متضمِّنَةً معنى الشرط. وقوله: "فإنَّه" خبرُ المبتدأ على القولَيْنِ" وهو من الاستثناءِ المنقطعِ أيضاً، أي: لكن. والمعنى: لكنْ مَنْ ارتضاه من الرُّسُلِ فإنه يَجْعَلُ له ملائكةً رَصَداً يَحْفظونه.
* ﴿ لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً ﴾
قوله: ﴿لِّيَعْلَمَ﴾: متعلقٌ بـ"يَسْلُكُ". والعامَّةُ على بنائه للفاعلِ. وفيه خلافٌ أي: لِيَعْلَمَ محمدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم. وقيل: لِيَعْلَمَ أي: ليَظْهَرَ عِلْمُه للناس. وقيل: ليَعْلَمَ إبليسُ. وقيل: ليَعْلَمَ المشركون. وقيل: لِيَعْلَمَ الملائكةُ، وهما ضعيفان لإِفرادِ الضميرِ والضميرُ في "أَبْلَغُوا" عائدٌ على "مَنْ" مِنْ قولِه: "مَنْ ارتَضَى" راعى لفظَها أولاً، فأفردَ في قولِه: ﴿أَبْلَغُواْ﴾، ومعناها ثانياً فَجَمَعَ في قولِه: "أَبْلَغُوا" إلى آخرِه.
(١٤/١٣٢)
---