قوله: ﴿وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ﴾: قَدَّم المفعولَ وكذا ما بعده إيذاناً بالختصاص عندَ مَنْ يرى ذلك، أو للاهتمام به، قال الزمخشري: "واختُصَّ "ربَّك" بالتكبير" ثم قال: ودَخَلَتِ الفاءُ لمعنى الشرطِ. كأنه قيل: وما كان فلا تَدَعْ تكبيرَه". قلت: قد تقدَّم الكلامُ في مثلِ هذه الفاءِ عند قولِه: ﴿وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ أولَ البقرة. قال الشيخ: "وهو قريبٌ مِمَّا قَدَّره النحاةُ في قولِك: "زيداً فاضْرِب" قالوا: تقديرُه: تنبَّهْ فاضرِبْ زيداً. والفاءُ هي جوابُ الأمرِ. وهذا الأمرُ: إمَّا مُضَمَّنٌ معنى الشرط، وإمَّا الشرطُ محذوفٌ على الخلافِ الذي فيه عند النحاة".
* ﴿ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾
وقرأ حفص "والرُّجْزَ" بضمِّ الراء، والباقون بكسرِها، فقيل: لغتان بمعنىً. وعن أبي عبيدةَ: "الضمُّ أفشَى اللغتَيْن، وأكثرُهما". وقال مجاهد: "هو بالضمِّ اسمُ صَنَم، ويُعزَى للحسنِ البصري أيضاً، وبالكسر اسمٌ للعذابِ. وعلى تقديرِ كونِه العذابَ فلا بُدَّ مِنْ حَذْفِ مضافٍ أي: اهُجرْ أسبابَ العذابِ المؤدِّيةِ إليه، أو لإِقامةِ المُسَبَّبِ مُقامَ سببِه، وهو مجازٌ شائع.
* ﴿ وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ ﴾
قوله: ﴿وَلاَ تَمْنُن﴾: العامَّةُ على فَكِّ الإِدغال. والحسن وأبو السَّمَّال بالإِدغام. قد تَقَدَّم أنَّ المجزوزَ / والموقفَ من هذا النوع يجوزُ فيهما الوجهانِ، وقد تقدَّم تحقيقُه في المائدة عند ﴿مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ﴾. والمشهور أنه من المَنِّن وهو الاعتدادُ على المُعْطي بما أعطاه. وقيل: "لا تَضْعُفْ" مِنْ قولِهم: حبلٌ مَنينٌ أي: ضعيفٌ.
(١٤/١٥٥)
---