قوله: ﴿وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ﴾: التقديمُ على ما تَقَدَّم، وحَسَّنه كونُه رأسَ فاصلةٍ مُؤاخياً لِما تقدَّمه. و "لربِّك" يجوز فيه وجهان، أحدُهما: أَنْ تكونَ لامَ العلةِ أي: لوجهِ ربِّك فاصبِرْ على أذى الكفارِ وعلى عبادةِ ربِّك، وعن كلِّ ما لا يَليقُ، فتُرِك المصبورُ عليه والمصبورُ عنه للعلم بهما. والأحسنُ أَنْ لا يُقَدَّرَ شيءٌ خاصٌّ بل شيءٌ عامٌّ. والثاني: أن يُضَمَّنَ "اصْبِرْ" معنى: اذْعَنْ لربِّك وسَلِّمْ له أمرَك صابراً، كقوله: ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾
* ﴿ فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ﴾
* ﴿فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ ﴾
قوله: ﴿فَإِذَا نُقِرَ﴾: قال الزمخشريُّ: "والفاءُ / في قولِه: "فإذا نُقِرَ" للتسبيب، كأنه قيل: اصبِرْ على أَذاهم، فبينَ أيديهم يومٌ عَسيرٌ يَلْقَون فيه [عاقبةَ] أذاهم، وتَلْقَى فيه عاقبةَ صبرِك عليه. والفاء في "فذلك" للجزاء". قلت: يعني أنَّ الفاءَ في "فذلك" جزاءٌ للشرطِ في قولِه: "فإذا نُقِرَ". وفي العامل في "إذا" أوجهٌ، أحدُها: أنَّخا متعلِّقةٌ بـ"أَنْذِرْ" أي: أَنْذِرْهم إذا نُقِر في النَّاقور، قاله الحوفيُّ. وفيه نظرٌ: من حيث إنَّ الفاءَ تمنعُ مِنْ ذلك، ولو أرادَ تفسيرَ المعنى لكان سهلاً، لكنه في مَعْرِضِ تفسيرِ الإِعراب لا تفسيرِ المعنى.
(١٤/١٥٨)
---