وقد عُطِفَ في هذه الجملِ بحروفٍ مختلفةٍ ولكلٍ منها مناسَبَةٌ. أمَّا ما عُطِفَ بـ"ثُمَّ" فلأنَّ بين الأفعالِ مهلةً، وثانياً لأنَّ بين النَّظَر والعُبوس وبين العُبوسِ والإِدْبار تراخياً. قال الزمخشري /: و "ثُمَّ نظر" عَطْفٌ على "فَكَّر وقَدَّر" والدعاءُ اعتراضٌ بينهما". قلت: يعني بالدعاءِ قولَه: "فقُتِلَ". ثم قال: "فإنْ قُلْتَ ما معنى "ثم" الداخلةِ على تكريرِ الدعاء؟ قلت: الدلالة على أنَّ الكرَّة الثانية أَبْلَغُ من الأولى، ونحوُه قولُه:
٤٣٨٩ - ألا يا اسْلمي ثُمَّ اسْلمي ثُمَّت اسْلمي *...........................
فإنْ قلت: فما معنى المتوسِّطةِ بين الأفعالِ التي بعدها؟ قلت: لدلالة على أنه تأنَّى في التأمُّل. وتمهَّل، وكان بين الأفعالِ المتناسِقِةِ تراخٍ وبُعْدٌ. فإن قلت: فلِمَ قال: "فقال" بالفاءِ بعد عطفِ ما قبلَه بـ ثم؟
قلت: لأنَّ الكلمةَ لَمَّأ خَطَرَتْ ببالِه بعد التطلُّب لِم يتمالَكْ أَنْ نَطقَ بها مِنْ غيرِ تَثَبُّتٍ. فإنْ قلتَ: فلِمَ لَمْ يَتَوَسَّطْ حرفُ العطفِ بين الجملتَيْن؟ قلت: لأنَّ الأخرى جَرَتْ مِن الأولى مَجْرى التوكيدِ من المؤكَّد.
* ﴿ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ ﴾
ُوعُونَ}: هذه هي العامَّةُ مِنْ أَوْعى يُوْعي. وأبو رجاء "يَعُوْن" مِنْ وعى يَعِي.
* ﴿ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ ﴾
قوله: ﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ﴾: هذا بدلٌ مِنْ قولِه: ﴿سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً﴾ قاله الزمخشري. فإنْ كان المرادُ بالصَّعودِ المشقةَ فالبدلُ واضحٌ، وإنْ كان المرادُ صخرةً في جهنَم، كما جاء في بعضِ التفاسير، فيَعْسُرُ البدلُ، ويكون فيه شَبَهٌ مِنْ بَدَلِ الاشتمالِ؛ لأنَّ جهنمَ مُشْتَمِلةٌ على تلك الصخرةِ.
* ﴿ لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ ﴾
(١٤/١٦٣)
---