وقال أبو البقاء: "لَمَّا كان المعنى: أَدْعوك جاء بـ"إلى". وهذا لا يُفيدُ شيئاً في الإِعراب. وقرأ نافعٌ وابنُ كثير بتشديدِ الزاي مِنْ "تَزَّكَّى" والصادِ مِنْ "تَصَّدَّى" في السورةِ تحتها. والأصلُ: تتزَكَّى وتتصَدَّى، فالحَرَمِيَّان أدغما، والباقون حَذَفُوا نحو: ﴿تَنَزَّلُ﴾. وتقدَّم الخلافُ في أيَّتِهما المحذوفةِ.
* ﴿ فَحَشَرَ فَنَادَى ﴾
قوله: ﴿فَحَشَرَ فَنَادَى﴾: لم يُذْكَر مفعولاهما؛ إذ المرادُ فَعَلَ ذلك، أو يكونُ التقدير: فَحَشَرَ قومَه فناداهم. وقوله "فقال" تفسيرٌ للنداء.
* ﴿ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُوْلَى ﴾
قوله: ﴿نَكَالَ الآخِرَةِ﴾: يجوزُ أَنْ يكونَ مصدراً لـ"أَخَذَ"، والتجوُّزُ: إمَّا في الفعل، أي: نَكَّل بالأَخْذِ نَكالَ الآخرةِ، وإمَّا في المصدر، أي: أَخَذَه أَخْذَ نَكالٍ. ويجوزُ أَنْ يكونَ مفعولاً له، أي: لأجل نَكالِه. ويَضْعُفُ جَعْلُه حالاً لتعريفِهِ، وتأويلُه كتأويلِ جَهْدَك وطاقَتَك غيرُ مَقيس. ويجوزُ أَنْ يكونَ مصدراً مؤكِّداً لمضمونِ الجملةِ المتقدِّمةِ، أي: نَكَّل الله به نَكالَ الآخرةِ، قاله الزمخشري، وجعله كـ﴿وَعْدَ اللَّهِ﴾ ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾. والنَّكالُ: بمنزلةِ التَّنْكيل، كالسَّلام بمعنى التَّسْليم. والآخرةُ والأولى: "إمَّا الداران، وإمَّا الكلمتان، فالآخرةُ قولُه: ﴿أَنَاْ رَبُّكُمُ الأَعْلَى﴾، والأولى: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَاهٍ غَيْرِي﴾ فحُذِفَ الموصوفُ للعِلْم به.
* ﴿ أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَآءُ بَنَاهَا ﴾
قوله: ﴿أَمِ السَّمَآءُ﴾: عطفٌ على "أنتم" وقوله: "بناها" بيانٌ لكيفيةِ خَلْقِه أياها. فالوقفُ على "السماء"، والابتداءُ بما بعدَها. ونظيرُه ما مرَّ في الزخرف ﴿أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ﴾
* ﴿ رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا ﴾
(١٤/٢٦٣)
---