قوله: ﴿فَإِذَا جَآءَتِ﴾: في جوابِها أوجهٌ، أحدُها: قولُه: "فأمَّا مَنْ طغى" نحو: "إذا جاءك بنو تميم فأمَّا العاصي فَأَهِهْه، وأمَّا الطائعُ فأكْرِمْهُ". وقيل: محذوفٌ، فقدَّره الزمخشري: فإنَّ الأمرَ كذلك، أي: فإنَّ الجحيمَ مَأْواه. وقدَّره غيرُ انقسم الراؤون قسمين. وقيل: عاينوا أو علموا. وقال أبو البقاء: "العاملُ فيها جوابُها، وهو معنى قولِه: "يومَ يتَذَكَّرَ الإِنسانُ". والطامَّة. الدَّاهِية تَطِمُّ على غيرشها من الدَّواهي لِعَظِها. والطَّمُّ: الدَّفْنُ. ومنه: طَمَّ السَّيْلُ الرَّكِيَّةَ. وفي المثل: "جرى الوادي فَطمَّ على القُرى" والمرادُ بها في القرآن النخفةُ الثانيةُ لأنَّ بها يَحْصُل ذلك.
* ﴿ يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ مَا سَعَى ﴾
قوله: ﴿يَوْمَ يَتَذَكَّرُ﴾: بدلٌ مِنْ "إذا" أو منصوبٌ بإضمار فعلٍ، أي: أعني يومَ، أو يومَ يتذكَّرُ يجري كيتَ وكيتَ.
* ﴿ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَى ﴾
قوله: ﴿وَبُرِّزَتِ﴾: العامَّةُ على بنائِه للمفعولِ مشدداً، و "لِمَنْ يرى" بياء الغيبة. وزيد بن عليّ وعائشةُ وعكرمةُ مبنياً للفاعلِ مخففاً، و "ترى" بتاءٍ مِنْ فوقُ فجوَّزوا في تاء "ترى" أَنْ تكونَ للتأنيثِ، وفي "ترى" ضمير الجحيم كقولِه: ﴿إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ﴾ وأَنْ تكونَ للخطابِ، أي: ترى أنت يا محمدُ. وقرأ عبد الله "لِمَنْ رأى" فعلاً ماضياً.
* ﴿ فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾
قوله: ﴿هِيَ الْمَأْوَى﴾: إمَّا: هي المَأْوى له، أو هي مَأْواه، وقامَتْ أل مَقامَ الضميرِ، وهو رأيُ الكوفيين. وقد تقدَّم لك تحقيقُ هذا الخلافِ والردُّ على قائلِه بقوله:
٤٤٩٧ - رَحِيْبٌ قِطابُ الجَيْبِ منها رَفيقةٌ * بجَسَّ النَّدامى بَضَّمةُ المُتَجَرِّدِ
(١٤/٢٦٦)
---