سورة الانفطار
* ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ ﴾
قوله: ﴿فُجِّرَتْ﴾: العامَّةُ على بنائِه للمفعول مثقَّلاً. وقرأ مجاهد مبنياً للفاعل مخففاً، من الفُجور، نظراً إلى قولِه: ﴿بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ﴾، فلمَّا زال البَرْزَخُ بَغَيا. وقرأ مجاهد أيضاً والربيع ابن خُثَيْم والزعفرانيُّ والثوري مبنياً للمفعول مخففاً.
* ﴿ وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ ﴾
قوله: ﴿بُعْثِرَتْ﴾: أي: قُلِبَتْ. يقال: بَعْثَره وبَحْثَرَه بالعين والحاء. قال الزمخشري: "وهما مركبان من البَعْث والبَحْث مضموماً إليهما راءٌ" يعني: أنهما ممَّا اتَّفق معناهما؛ لأنَّ الراءَ مزيدةٌ فيهما إذ ليَسْت مِنْ حروفِ الزيادةِ، وهذا كـ"دَمِث ودَمَثْرٍ، وسَبِطَ وسِبَطْر. و "عَلِمَتْ" جوابُ "إذا".
(١٤/٢٨٣)
* ﴿ ياأَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴾
قوله: ﴿مَا غَرَّكَ﴾: العامَّةُ على "غَرَّك" ثلاثياً و "ما" استفهاميةٌ في محلِّ رفع بالابتداء. وقرأ ابن جبير والأعمش "ما أَغَرَّك" فاحتمل أَنْ تكونَ استفهاميةً، وأن تكونَ تعجبيةً. ومعنى أغرَّه: أدخله في الغِرَّة أو جعله غارَّاً.
* ﴿ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ﴾
قوله: ﴿الَّذِي خَلَقَكَ﴾: يحتمل الإِتباعَ على البدلِ والبيان والنعتِ، والقطعَ إلى الرفع أو النصبِ.
قوله: ﴿ فَعَدَلَكَ﴾ قرأ الكوفيون "عَدَلَك، فلم يجعَلْ إحدى يَدَيْكَ أو رِجْلَيْكَ أطولَ، ولا إحدى عينَيْك أَوْسَعَ، فهو من التَّعْديلِ. وقراءةُ التخفيفِ تحتمل هذا، أي: عَدَلَ بعضَ أعضائِك ببعضٍ. وتحتمل أَنْ تكونَ من العُدولِ، أي: صَرَفَك إلى ما شاء من الهيئاتِ والأشكالِ والأشباهِ.
* ﴿ فِيا أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ ﴾
قوله: ﴿فِيا أَىِّ صُورَةٍ﴾: يجوز فيه أوجهٌ، أحدُها: أَنْ يتعلَّقُ بـ"رَكَّبَكَ" و "ما" مزيدةٌ على هذا، و "شاءَ" صفةٌ لـ"صورةٍ"، ولم يَعْطِفْ "رَكَّبَكَ" على ما قبله بالفاءِ، كما عَطَفَ ما قبلَه بها؛ لأنه بيانٌ لقولِه: "فَعَدَلَكَ". والتقدير: فَعَدَلَكَ: ركَّبك في أيِّ صورةٍ من الصورِ العجيبة الحسنةِ التي شاءها. والمعنى: وَضَعَكَ في صورةٍ اقتضَتْها مَشيئتُه: على أنه حالٌ، أي: رَكَّبك حاصلاً في ببعض الصور. الثالث: أنه يتعلَّقُ بعَدَلَكَ، نقله الشيخ عن بعض المتأوِّلين، ولم يَعْتَرِضْ عليه، وهو مُعْتَرَضٌ: بأنَّ في "أيّ" معنى الاستفهام، فلها صدرُ الكلام فكيف يعمل فيها ما تقدَّمَها؟
(١٤/٢٨٤)
---