وكأنَّ الزمخشري استشعر هذا فقال: "ويكونُ في "أيّ" معنى التعجبِ، أي: فَعَدَلَكَ في أيِّ صورةٍ عجيبةٍ". وهذا لا يَحْسُنُ أَنْ يكونَ مُجَوِّزاً لِتَقَدُّمِ العاملِ على اسمِ الاستفهامِ، وإنْ دَخَلَه معنى التعجب. ألا ترى أنَّ كيف وأنَّى وإنْ دَخَلهما معنى التعجبِ لا يتقدَّم عاملُهما عليهما. وقد اختلف النحويون في اسم الاستفهام إذا قُصِدَ به الاستثباتُ: هل يجوزُ تقديمُ عاملِه أم لا؟ والصحيح أنه لا يجوزُ، وكذلك لا يجوز أن يتقدَّمَ عاملُ "كم" الخبريةِ عليها لشَبَهِها في اللفظ بالاستفهاميةِ فهذا أَوْلَى، وعلى تعلُّقِها بـ"عَدَلَكَ" تكون "ما" منصوبةً بـ"شاء"، أي: رَكَّبَكَ ما شاءَ من التركيبِ، أي: تركيباً حَسَناً، قاله الزمخشري، فظاهرُه أنها منصوبةٌ على المصدر.
وقال أبو البقاء: "ويجوز أَنْ تكونَ "ما" زائدةً، وأَنْ تكونَ شرطيةً، وعلى الأمرَيْن: الجملةُنعتٌ لـ"صورة"، والعائدُ محذوفٌ، أي: رَكَّبك عليها. و "في" تتعلَّقُ بـ"رَكَّبك". وقيل: لا موضعَ للجملةِ؛ لأن "في" تتعلَّقُ بأحد الفعلَيْن، والجميعُ كلامٌ واحدٌ، وإنما تقدُّمُ الاستفهامِ على "ما" هو حَقُّه. قوله: "بأحد الفعلَيْنِ" يعني: شاءَ ورَكَّبك. وتَحَصَّل في "ما" ثلاثةُ أوجهٍ: الزيادةُ، وكونُها شرطيَّةً، وحيئنذٍ جوابُها محذوفٌ، والنصبُ على المصدريةِ، أي: واقعةٌ موقعَ مصدرٍ.
* ﴿ كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ ﴾
والعامَّةُ: "يُكَذِّبُون" خطاباً. والحسن وأبو جعفر وشَيْبَةُ بياء الغَيْبة.
* ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ﴾
قوله:﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ﴾: يجوزُ أَنْ تكونَ الجملةُ حالاً مِنْ فاعل تُكَذِّبون، أي: تُكَذِّبُون والحالةُ هذه، ويجوز أَنْ تكونَ مستأنفةً، أخبرهم بذلك لينزَجِروا.
* ﴿ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾
(١٤/٢٨٥)
---


الصفحة التالية
Icon