وكذلك باقي القصيدة، / وإجراءُ الفواصلِ في الوقف مُجْرى القوافي مَهْيَعٌ معروفٌ، كقولِه تعالى: ﴿الظُّنُونَاْ﴾ ﴿الرَّسُولاَ﴾ في الأحزاب، وحَمْلُ الوصلِ على الوقفِ موجودٌ أيضاً.
* ﴿ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ﴾
قوله: ﴿وَأَذِنَتْ﴾: عَطْفٌ على "انْشَقَّتْ"، وقد تقدَّم أنه جوابٌ على زيادةِ الواوِ، ومعنى "أَذِنَتْ"، أي: استمعَتْ أَمْرَه. يُقال: أَذِنْتُ لك، أي: استمَعْتُ كلامَك. وفي الحديث: "ما أَذِن اللَّهُ لشيءٍ إذْنَه لنبيٍّ يتغَنَّى بالقرآن". وقال الشاعر:
٤٥٢١ - صُمٌّ إذا سَمِعوا خيراً ذُكِرْتُ به * وإن ذُكِرْتُ بسُوْءٍ عندهم أَذِنوا
وقال آخر:
٤٥٢٢ - إنْ يَأْذَنُوا رِيْبةً طاروا بها فَرَحاً * وما هُمُ أَذِنُوا مِنْ صالحٍ دَفَنوا
وقال الجحَّافُ بنُ حكيم:
٤٥٢٣ - أَذِنْتُ لكمْ لَمَّا سَمِعْتُ هريرَكُمْ *........................
والاستعارةُ المذكورةُ في قولِه تعالى: ﴿قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ﴾ أو الحقيقةُ عائدٌ ههنا.
قوله: ﴿وَحُقَّتْ﴾ الفاعلُ في الأصلِ هو اللَّهُ تعالى، أي: حَقَّ اللَّهُ عليها ذلك، أي: بسَمْعِه وطاعتِه. يُقال: هو حقيقٌ بكذا وتَحَقَّق به، والمعنى: وحُقَّ لها أَنْ تفعلَ.
* ﴿ وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ ﴾
قوله: ﴿وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ﴾: كالأولِ، وقد تقدَّم أنه يجوزُ أَنْ يكونَ خبرَ "إذا" الأولى على زيادةِ الواوِ.
* ﴿ ياأَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ ﴾
قوله: ﴿كَادِحٌ﴾: الكَدْحُ: قال الزمخشري: "جَهْدُ النفس [في العمل] والكَدُّ فيه، حتى يُؤَثِّر فيها، ومنه كَدَح جِلِدَه إذا خَدَشَه. ومعنى "كادحٌ"، أي: جاهِدٌ إلى لقاءِ ربِّك وهو الموتُ". انتهى. وقال ابن مقبل:
٤٥٢٤ - وما الدَّهْرُ إلاَّ تارتان فمِنْهما * أموتُ وأخرى أَبْتغي العيشَ أَكْدَحُ
وقال آخر:
(١٤/٢٩٩)
---