وقرأ ابن الزبير "بعادِ أَرِمَ" بإضافةِ "عاد" إلى "أرِم" مفتوحَ الهمزةِ مكسورَ الراء، وقد تقدَّم أنه اسمُ المدينة. وقُرىء "أرِمِ ذاتِ" بإضافة "أرم" إلى "ذات". ورُوي عن مجاهدٍ "أرَمَ" بفتحتين مصدرَ أَرِمَ يَأْرَمُ، أي: هَلَكَ، فعلى هذا يكونُ منصوباً بـ"فعَلَ ربُّك" نَصْبَ المصدرِ التشبيهيِّ، والتقدير: كيف أهلك ربُّك إهلاكَ ذاتِ العِماد؟ وهذا أغربُ الأقوالِ.
و"ذاتِ العِمادِ" إنْ كان صفةً لقبيلةٍ فمعناه: أنهم أصحابُ خيامٍ لها أَعْمِدةٌ يَظْعَنون بها، أو هو كنايةٌ عن طولِ أبدانهم كقولِه:
٤٥٦٢ - رَفيعُ العِمادِ طويلُ النِّجا * دِ.......................
قاله ابن عباس، وإنْ كان صفةً للمدينة فمعناه: أنها ذاتُ عُمُدٍ من الحجارة.
* ﴿ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلاَدِ ﴾
قوله: ﴿الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ﴾: يجوز أَنْ يكونَ تابعاً، وأَنْ يكونَ مَقْطوعاً رفعاً أو نصباً. والعامَّةُ على "يُخْلَقُ" مبنياً للمفعولِ، "مِثْلُها" مرفوعٌ على ما لم يُسَمَّ فاعلُه. وعن ابن الزبير "يَخْلُقْ" مبنياً للفاعل "مثلَها" منصوبٌ به. وعنه أيضاً "نَخْلُقْ" بنونِ العظمةِ.
* ﴿ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُواْ الصَّخْرَ بِالْوَادِ ﴾
قوله: ﴿وَثَمُودَ﴾: قرأ العامَّةُ بمَنْع الصرف، وابنُ وثَّاب بصَرْفِه. وقد تقدَّم الكلامُ على ذلك مُشْبعاً. و "الذين" يجوز فيه ما تقدَّم في ﴿الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ﴾. وجابَ الشيءَ يجوبُه قَطَعَه وخَرَقه جَوْباً. وجُبْتُ البلادَ: قطعتُها سَيْراً. قال الشاعر:
٤٥٦٣ - ولاَ رأَيْتُ قَلوصاً قبلَها حَمَلَتْ * سِتِّين وَسٌْاً ولا جابَتْ بها بلداً
(١٤/٣٣٠)
---