قوله: ﴿بِالْوَادِ﴾ متعلقٌ: إمَّا بـ"جابوا"، أي: فيه، وإمَّا بمحذوفٍ على أنه حالٌ من "الصخر"، أو من الفاعِلين. وأثبت ياءَ "الوادي" في الحالَيْن ابنُ كثير وورشٌ، بخلافٍ عن قنبل فرُوي عنه إثباتُها في الحالَيْن، ورُوي عنه إثباتُها في الوصلِ خاصةً، وحذفها الباقون في الحالَيْن، موافقةً لخطِّ المصحفِ ومراعاةً للفواصل كما تقدَّم في ﴿إِذَا يَسْرِ﴾
* ﴿ الَّذِينَ طَغَوْاْ فِي الْبِلاَدِ﴾
* ﴿فَأَكْثَرُواْ فِيهَا الْفَسَادَ﴾
* ﴿فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ﴾
قوله: ﴿الَّذِينَ طَغَوْاْ ﴾: يجوزُ فيه ما جاز في "الذين" قبله من الإِتباعِ والقطع على الذمِّ.
قوله: ﴿سَوْطَ﴾ هو الآلةُ المعروفةُ. قيل: وسُمِّيَ سَوْطاً لأنه يُساط به اللحمُ عند الضَّرْبِ، أي: يَخْتلط. قال كعب بن زهير:
٤٥٦٤ - وَيْلُمِّها خُلَّةً قد سِيْطَ مِنْ دمِها * فَجْعٌ ووَلْعٌ وإخلافٌ وتبديلُ
وقال آخر:
٤٥٦٥ - أحارِثُ إنَّا لو تُساطُ دماؤُنا * تَزَايَلْنَ حتى لا يَمَسَّ دَمٌ دَما
وقيل: هو في الأصلِ مصدرُ ساطه يَسُوْطه سَوْطاً، ثم سُمِّيَتْ به الآلةُ. وقال أبو زيد: "أموالُهم بينهم سَوِيطة"، أي: مختلطةٌ. واستعمالُ الصَّبِّ في السَّوْط استعارةٌ بليغة، وهي شائعةٌ في كلامِهم /.
* ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾
قوله: ﴿لَبِالْمِرْصَادِ﴾: المِرْصاد كالمَرْصَد، وهو المكانُ يترتَّبُ [فيه] الرَّصَدَ جمعَ راصِد كحَرَس، فالمِرْصاد مِفْعال مِنْ رَصَده كمِيْقات مِنْ وَقَتَه، قاله الزمخشري. وجَوَّزَ ابنُ عطية في "المِرْصاد" أَنْ يكونَ اسمَ فاعلٍ قال: "كأنه قيل: لَبالراصد، فعبَّر ببناء المبالغة". ورَدَّ عليه الشيخ: بأنَّه لو كان كذلك لم تَدْخُلْ عليه الباءُ إذ ليس هو في موضعِ دخولِها لا زائدةً ولا غيرَ زائدةٍ. قلت: قد وَرَدَتْ زيادتُها في خبرِ "إِنَّ" كهذه الآيةِ، في قولِ امرىء القيس:
(١٤/٣٣١)
---