قوله: ﴿فَقَدَرَ عَلَيْهِ﴾: قرأ ابنُ عامرٍ بتشديدِ الدال، والباقون بتخفيفِها، وهما لغتان بمعنىً واحد، ومعناهما التضييقُ ومن التخفيفِ قولُه:﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقَدِرُ﴾ ﴿وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ﴾ قوله: ﴿أَكْرَمَنِ﴾ "أهانَنِ" قرأ نافعٌ بإثباتِ ياءَيْهما وَصْلاً وحَذْفِهما وقفاً، مِنْ غير خلافٍ عنه، والبزيُّ عن ابن كثير يُثْبِتُهما في الحالَيْن، وأبو عمرو اختُلِفَ عنه في الوصلِ فرُوي عنه الإِثباتُ والحَذْفُ، والباقون يَحّفونهما في الحالَيْن وعلى الحَذْفِ قولُ الشاعر:
٤٥٦٧ - ومِن كاشِحٍ طاهرٍ عُمْرُه * إذا ما انْتسَبْتُ له أَنْكَرَنْ
يريد: أنكرني. وقال الزمخشري: "فإنْ قلتَ: هَلاَّ قال: فأهانَه وقَدَرَ عليه رِزٌَْه، كما قال: فأكرَمَه ونَعَّمه. قلت: لأنَّ البَسْطَ إكرامٌ من الله تعالى لعبدِه بإنعامِه عليه مُتَفَضِّلاً مِن غيرِ سابقةٍ. وأمَّا التقديرُ فليس بإهانةٍ له؛ لأنَّ الإِخلالَ بالتفضُّل لا يكونُ إهانة، كما إذا أهدى لك زيدٌ هديةً تقول: أكرمني، فإذا لم يَهْدِ لك شيئاً لا يكو مُهيناً لك".
* ﴿ كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ﴾
قوله: ﴿تُكْرِمُونَ﴾: قرأ أبو عمرو هذا والثلاثةَ بعدَه بياء الغَيْبة حَمْلاً على معنى الإِنسانِ المتقدِّمِ / إذ المرادُ به الجنسُ، والجنسُ في معنى الجَمْعِ، والباقون بالتاء في الجميع خطاباً للإِنسانِ المرادِ به الجنسُ على طريقِ الالتفاتش. وقرأ الكوفيون "تَحاضُّون" والأصلُ: تتحاضُّون، فحذف إحدى التاءَيْن، أي: لا يَحُضُّ بعضُكم بعضاً. ورُوي عن الكسائي "تُحاضُّون" بضم التاءِ، وهي قراءةُ زيدِ ابن علي وعلقمةَ، أي: تُحاضُّون أنفسَكم. والباقون "تَحُضُّون" مِنْ حَضَّه على كذا، أي: أغْرَه به. ومفعولُه محذوفٌ، أي: لا تَحُضُّون أنفسَكم ولا يرَها. ويجوز أَنْ لا يُقَدَّرَ، أي: لا تُوْقِعون الحَضَّ.
(١٤/٣٣٤)
---


الصفحة التالية
Icon