قوله: ﴿وَمَا وَلَدَ﴾: قيل: "ما" بمعنى "مَنْ" وقيل: مصدريةٌ. أَقْسَم بالشخص وفِعْلِه. وقال الزمخشري: "فإنْ قلتَ: هَلاَّ قيل: ومَنْ وَلَدَ. قلت: فيه ما في قوله ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ﴾ أي: بايِّ شيءٍ وَضَعَتْ، أي: موضوعاً عجيبَ الشأن" وقيل: "ما" نافيةٌ فتحتاج إلى إضمارِ موصولٍ، به يَصِحُّ الكلامُ تقديره: والذي ما وَلَدَ؛ إذا المرادُ بالوالد مَنْ يُوْلَدُ له، وبالذي لم يَلِدْ العاقرُ، قال: معناه ابنُ عباس وتلميذُه ابنُ جُبير وعكرمة.
* ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾
قوله: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا﴾: هذا هو المُقْسَمُ عليه والكَبَدُ: المَشقةُ. قال الزمخشري: "وأصلُه مِنْ كَبِدَ الرجلُ كَبَداً فهو أكبدُ، إذا وَجِعَتْ كَبِدْه وانتفخَتْ، فاتُّسِعَ فيه حتى اسْتُعْمِلَ في كلِّ نَصَبٍ ومشقةٍ، ومنه اشْتُقَّت المكابَدةُ، كما قيل: كَبَته، بمعنى أهلكه، وأصلُه كَبَدَه، أي: أصاب كَبِدَه. قال لبيد:
٤٥٧٣- يا عَيْنُ هَلاَّ بَكَيْتِ أَرْبَد إذ * قُمْنا وقام الخُصومُ في كَبَدِ
أي: في شِدَّةِ الأمرِ وصعوبةِ الخَطْبِ وقال ذو الإصبَع:
٤٥٧٤- ليَ ابنُ عَمّ لَوَانَّ الناسَ في كَبَدٍ * لظلَّ مُحْتَجِراً بالنَّبْلِ يَرْمِيْني
* ﴿ يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً ﴾
قوله: ﴿يَقُولُ أَهْلَكْتُ﴾: يجوزُ أَنْ تكونَ مستأنفةً، وأنْ تكونَ حالاًز وقرأ العامَّةُ "لُبَداً" بضمِّ اللامِ وفتحِ الباءِ. وشَدَّد أبو جعفر الباءَ، وعنه أيضاً سكونُها. ومجاهد وابن أبي الزناد بضمتين، وقد تقدَّم الكلامُ على هذه اللفظةِ والاختلافُ فيها في الجنِّ.
* ﴿ وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ ﴾
(١٤/٣٤٠)
---


الصفحة التالية
Icon