(١٤/٣٤٧)
---
أَنْ يعملَ فيه نفسُ المُقْسَم به؛ لأنه ليس من قبيل ما يَعْمل، لا سيما إنْ كان جُرْماً. ولا جائزٌ أنْ يُقدَّرَ محذوفٌ قبل الظرف فيكونُ قد عملَ فيه، ويكون ذلك العاملُ في موضع الحال وتقديرُه: والنجمِ كائناً إذا هوى، والليل كائناً إذا يَغْشى؛ لأنه يَلْزَمُ "كائناً" أنْ لا يكونَ منصوباً بعاملٍ، ولا يَصِحُّ أَنْ يكونَ معمولاً لشيء مَمَّا فَرَضْناه أن يكونَ عاملاً. وأيضاً فقد يكونُ المُقْسَمُ به حثةً وظروفُ الزمانِ لا تكون أحوالاً عن الجثثِ، كما لا تكونُ أخباراً" انتهى ما ورَدَّ به الشيخُ وما استشكلَه مِنْ أمرِ العاملِ في "إذا" وأنا بحمدِ اللَّهِ أتتبَّعُ قولَه وأبيِّنُ ما فيه.
فقوله: "إن المختارَ أن حرفَ العطفِ لا يعملُ لقيامِه مَقامَ العاملِ فلا يَلْزَمُ أبا القاسم، لأنه يختار القولَ الآخَرَ. وقوله: "ليس ما في هذه الآية مِنْ العطفِ على عاملَيْن" ممنوعٌ بل فيه العطفُ على عاملَيْن ولكنْ فيه غموضٌ، وبيانُ أنه مِنْ العطفِ على عاملَيْن: أنَّ قولَه: ﴿ وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا﴾ هنا معمولان أحدُهما مجرورٌ وهو "النهار" والآخرُ منصوبٌ وهو الظرفُ، عطفاً على معمولَيْ عاملَيْ، والعاملان هما: فعلُ القسمِ الناصبُ لـ "إذا" الأولى، واوُ القسم الجارَّةُ، فقد تحقَّق معك عاملانِ لهما معمولان، فإذا عَطَفْتَ مجررواً على مجررو، وظرفاً على ظرف، معمولَيْن لعاملَين لَزم ما قاله أبو القاسم. وكيف يُجْهَلُ هذا ما التأمَّلِ والتحقيق؟
(١٤/٣٤٨)
---