وأمَّا قولُه: " وأنشد سيبويه إلى آخره" فهو اعترافٌ منه بأنَّه من العطفِ على عاملَيْن، غايةُ ما في الباب أنه استندَ إلى جاهِ سيبويه. وأمَّا قوله "أجازَ ابنُ كَيْسان فلا يَلْزَمُه مذهبُه. وأمَّا قولُه: "فالمثالُ كالآية، بل وزانهها إلى آخره" فصحيحٌ لما فيه مِنْ تقديم الظرفِ الثاني على المجرور المعطوفِ، والآيةُ الظرفُ فيها متأخرٌ، وإنما مرادُ الزمخشريِّ وجودُ معمولَيْ عاملَيْن، وهو موجودٌ في المثالِ المذكورِ، إلاَّ أنَّ فيه إشكالاً آخر: وهو أنَّه كالتكرير للمسألةِ.
وأمَّا قولُه "بل كلامُ الخليلِ يَدُلُّ على المنع إلى آخره" فليس فيه رَدٌّ عليه بالنسبة إلى ما قصدَه، بل فيه تقويةٌ لِما قاله. غايةُ ما في البابِ أنه غَبَّر بالاستكراه عن المنعِ، أو لم يَفْهَمِ المَنْعَ. وقوله: "ولا جائزٌ أَنْ يكونَ ثَمَّ مضافٌ محذوفٌ" إلى آخره، فأقول: بل يجوزُ تقديرُه: وهو العاملُ، ولا يَلْزَمُ ما قال مِنْ اختلاف الزمانَيْنِ؛ لأنه يجوزُ أَنْ يُقْسِمَ الآن بطلوع النجم في المستقبل، فالقَسضمُ في الحالِ والطُّلوعُ في المستقبل، ويجوزُ أَنْ يُقْسِمَ بالشيء الذي سيوجَدُ. وقوله: "ولا جائزٌ أَنْ يُقدَّر محذوف قبل الظرفِ، فيكون قد عَمِل فيه" إلى آخره ليس بممنوع بل يجوزُ ذلك، وتكون حالاً مقدرةً. قوله ك"يَلْزَم أَنْ لا يكونَ له عاملٌ" ليس كذلك بل له عاملٌ وهو فعلُ القسم، ولا يَضُرُّ كونُه إنشائياً؛ لأنَّ الحالَ مقدرةٌ كما تقدَّم. قوله :"وقد يكونُ المُقْسَمُ به جثةً" جوابُه: يُقَدَّرُ حينئذٍ حَدَثٌ يكون الظرفُ الزمانيُّ حالاً عنه، وهذه المسألةُ سُئِلَ عنها الشيخُ أبو عمروٍ ابنُ الحاجبِ ونَفَّخَ فيها السؤال وأحابَ بنحوِ ما ذكَرْتُه واللَّهُ أعلمُ، ولا يخلُو الكلامُ فيها مِنْ نزاعٍ وبحثٍ طويلٍ معه.
* ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ﴾
(١٤/٣٤٩)
---


الصفحة التالية
Icon