وقال الشيخ: "أمَّا قولُه: "وليس بالوجهِ لقولِه "فَأَلْهمها" يعني مِنْ عَوْدِ الضمير في "فَأَلْهمها" على الله تعالى، فيكونُ قد عاد على مذكورٍ وهو "ما" المرادُ به الذي. قال: "ولا يَلْزَمُ ذلك؛ لأنَّا إذا جَعَلْناها مصدريةً عاد الضميرُ على ما يُفْهُ مِنْ سياق الكلامِ، ففي "بناها" ضميرٌ عائدٌ على الله تعالى، أي: وبناها هو، أي: الله تعالى، كما إذا رأيتَ زيداً قد ضرب عَمْراً فتقول: "عجبتُ مِمَّا ضَرَبَعمراً" تقديره: مِنْ ضَرْبِ عمروٍ هو، كان حسناً فصيحاً جائزاً، وعَوْدُ الضمير على ما يُفْهَمُ مِنْ سياقِ الكلام كثيرٌ وقوله: " وما يُؤدِّي إليه مِنْ فسادِ النظم" ليس كذك، ولا يُؤدِّي جَعْلأُها مصدريةً إلى ما ذُكِرَ، وقوله: "وإنما أُوثِرَتْ" إلى آخره لا يُراد بما ولا بمَنْ الموصولتين معنى الوصفيةِ؛ لأنهما لا يُوْصفُ بهما بخلاف "الذي" فاشتراكُهما في أنَّهما لا يُؤَدِّيان معنى الوصفية موجودٌ بينهما فلا تنفردُ به "ما" دون "مَنْ" وقوله: : وفي كلامهم" إلى آخره تَأَوَّله أصحابُنا على أنَّ "سبحان" عَلَم و "ماَ" مصدريةٌ ظرفيةٌ" انتهى.
أمَّا ما رَدَّ به عليه مِنْ كونِه على ما يُفْهَمُ من السِّياق فليس يَصْلُح رَدَّاً، لأنه إذا دار الأمرُ بين عَوْدِه على ملفوظٍ به وبينَ غيرِ ملفوظٍ به فعَوْدُه على الملفوظِ به أَوْلى لأنَّه الأصلُ. وأمَّا قولُه: فلا تنفرد به "ما" دونَ "مَنْ" فليس مرادُ الزمخشري أنها تُوْصَفُ بها وصْفاً صريحاً، بل مُرادُه أنها تقعُ على نوعِ مَنْ يَعْقل، وعلى صفتِه، ولذلك مَثَّل النَّحويون ذلك بقوله: ﴿فَانكِحُواْ مَا طَابَ﴾ وقالوا: تقديره: فانْكِحُوا الطيِّبَ مِنْ النساءِ، ولا شكَّ أن هذا الحكمَ تَنْفَرِدُ به "ما" دون مَنْ. والتنكيرُ في "نفس": إمَّا لتعظيمِها، أي، نفس عظيمة، وهي نفسُ آدمَ، وإمَّا للتكثيرِ كقوله: ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ
﴾.
* ﴿ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾