(١٤/٣٥١)
---
* ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ﴾
قوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ﴾: فيه وجهان، أحدُهما: أنه جوابُ القسم، والأصل: لقد، وإنما حُذِفَتْ لطولِ الكلامِ. والثاني: أنه ليس بجوابٍ وإنما جيءَ به تابعاً لقولِه ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ على سبيل الاستطرادِ، و ليس مِنْ جوابِ القسم في شيءٍ، فالجوابُ محذوفٌ تقديرُه: ليُدَمْدِمَنَّ اللَّهُ عليهم، أي: على أهلِ مكةَ لتكذيبهم رسولَ الله ﷺ كما دَمْدَم على ثمودَ لتكذيبهم صالحاً صلَّى الله عليه وسلم، وقال معناه الزمشخري، وقدَّره غيرُه: لتُبْعَثُنَّ.
وقوله: ﴿طَحَاهَا﴾ أي: دَحاها، وقد تقدَّم معناه. وفيه لغتان، يقال: طحا يَطْحوا وطحى يَطْحي. ويجيءُ طحا بمعنى ذهب، قال علقمة:
٤٥٧٩- طحابك قَلْبٌ في الحِسانِ طَروبُ * بُعَيْدَ الشبابِ عَصْرَ حان مَشيبُ
ويقال: طحا بمعنى ارتفعَ. وفي أقسامِهم" "ولا والقمرِ الطَّاحي" أي: المرتفعُ. وفاعلُ "زكَّاها" و"دَسَّاها" الظاهرُ أنه ضميرُ "مَنْ" وقيل: ضميرُ الباري تعالى، أي: مَنْ زكاهَّا اللَّهُ، ومَنْ دَسَّاها اللَّهُ، أي: مَنْ زَكَّى اللَّهُ نفسَه. وأنْحَى الزمخشريُّ على صاحبِ هذا القولِ لمنافرِة نظمِه للاحتياجِ إلى عَوْدِ الضميرِ على النفسِ مقيدةً بإضافتِها إلى ضمير "مَنْ"
* ﴿ وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ﴾
قوله: ﴿دَسَّاهَا﴾: أصلُه دسَّاهَا فَكَثُرَتْ الأمثالُ فأُبِدْل مِنْ ثالثِها حرفَ علةٍ كما قالوا: قَصَيْتُ [أَظْفاري] و[قوله]:
٤٥٨٠- تَقَضِّيَ البازِي..............
والتَّدْسِيَةُ: الإخفاءُ بمعنى أفخاها بالفجورِ، وقد نَطَق بالأصل مَنْ قال:
٤٥٨١- وأنت الذي دَسَّتْ عمراً فأصبحَتْ * حَلائلُه منه أراملَ ضُيَّعاً
ومن قال:
٤٥٨٢- ودَسَّسْت عَمْراً في التراب فأصبحَتْ *.......................
البيت.
* ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ ﴾
(١٤/٣٥٢)
---


الصفحة التالية
Icon