و"اشْقاها" فاعلُ "انبعَث" وفيه وجهان، أحدُهما: أَنْ يُراد به شخصٌ واحد بعينه. وفي التفسير أنه رجل يُسَمَّى قُدار بن سالف. والثاني: أن يُراد به جماعةٌ، قال الزمشخري: "ويجوز أن يكونوا جماعةً [والتوحيد] لتَسْوِيَتِك في أفعل التفضيل إذا اضفْتَه، بين الواحدِ والجمع والمذكر والمؤنثِ، وكان يجوز أَنْ يقول: أشْقَوْها" انته. وكان ينْبغي أَنْ يُقَيِّد فيقول: إذا أضَفْتَه إلى معرفةٍ؛ لأن المضافَ إلى النكرةِ حُكْمُه الإفرادُ والتكذكيرُ مطلقاً كالمقترِن بـ"مِنْ".
* ﴿ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا ﴾
قوله: ﴿فَقَالَ لَهُمْ﴾: إنْ كان المرادُ بـ "أَشْقاها" جماعةً فعَوْدُ الضميرِ مِنْ "لهم" عليهم واضحٌ، وإنْ كان المرادُ به عَلَماً بعينِه فالضميرُ مِنْ "لهم" يعودُ على ثمود.
قوله: ﴿نَاقَةَ اللَّهِ﴾ منصوبٌ على التحذير، أي: احْذَروا ناقةَ اللَّهِ فلا تَقْرَبُوها، وإضمارُ الناصبِ هنا واجبٌ لمكانِ العطف، فإنَّ إضمارَ الناصبِ يجبُ في ثلاثةِ مواضعَ، أحدُها: أن يكونَ المحذَّرُ نحو: "إياك" وبابه. والثاني: أن يُوجدَ فيه عطفٌ. الثالث: أَنْ يوجَدَ فيه تَكْرارٌ نحو: "الأسدَ الأشدَ" وقرأ زيد بن علي "ناقةُ الله" رفعاً على خبرِ ابتداء مضمرٍ، أي: هذه ناقةُ اللَّهِ فلا تتعرَّضوا لها.
* ﴿ فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا ﴾
قوله: ﴿فَدَمْدَمَ﴾: الدَّمْدَمَةُ. قيل: الإطباقُ يُقال: دَمْدَمْتُ عليه القبرَ، أي: أَطْبَقْتُه عليه. وقيل: الإلزاقُ بالأرض. وقيل]: الإهلاكُ باستئصالٍ. وقيل: الدَّمْدَمَةُ حكايةُ صوتِ الهَدَّةَ ومنه: دَمْدَمَ في كلامه. ودَمْدَمْتُ الثوبَ: طَلَيْتُه بالصَّبْغ. والباءُ في "بذَنْبهم" للسبية.
(١٤/٣٥٤)
---