سورة الشرح
* ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾
قوله: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ﴾: الاستفهامُ إذا دخل على النفي قَرَّره، فصار المعنى: قد شَرَحْنا، ولذلك عَطَفْ عليه الماضي. ومثلُه ﴿أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ﴾ والعامَّةُ على جزمٍ الحاء بـ "لم" وقرأ أبو جعفر بفتحها. وقال الزمخشري: "وقالوا: لعلَّة بَيَّنَ الحاءَ وأشبعها في مَخْرَجِها، فظنَّ السامعُ أنه فتحها" وقال ابن عطية: "إنَّ الأصلَ: ألم نَشْرَحَنْ" بالنونِ الخفيفةِ، ثم أَبْدَلَها ألفاً، ثم حَذَفَها تخفيفاً، كما أنشد ابو زيد:
(١٤/٣٦٣)
---
٤٥٩٧- مِنْ أيِّ يَوْمَيَّ من الموتِ أفِرّْ * أيومَ لم يُقْدَرَ أم يومَ قُدِرْ
بفتح راء "لم يُقْدَرَ" وكقوله:
٤٥٩٨- اضْرِبَ عنكَ الهمومَ طارِقَها * ضَرْبَكَ بالسيفِ قَوْنَسَ الفَرَسِ
بفتح باء "اضربَ" انتهى. وهذا مبنيٌ على جوازِ توكيد المجوزمِ بـ لم، وهو قليلٌ جداً، كقوله:
٤٥٩٩- يَحْسبُه الجاهلُ ما لم يَعْلما * شيخاً على كُرْسِيِّه مُعَمَّما
فتتركبُ هذه القراءةُ مِنْ ثلاثةِ أصولٍ كلُّها ضعيفةٌ؛ لأنَّ توكيدَ المجزومِ بـ "لم" ضعيفٌ، وإبدالُها أَلِفاً إنما هو الوقف، وإجارُْ الوصل مُجْرى الوقفِ خِلافُ الأصلِ، وحَذْفُ الألفِ ضعيفٌ، لأنه خلافُ الأصلِ. وخَرَّجه الشيخُ على لغةٍ حكاها اللحيانيُّ في "نوادره" عن بعضِ العربِ وهو الجزمُ بـ "لن"، والنصبُ بـ "لم" عكسَ المعروفِ عند الناس، وجعله أَحْسَنَ ممَّا تقدَّم. وأنشد قولَ عائشةَ بنتٍ الأعجم تمدح المختار وهو القائمُ بطَلَبِ ثأر الحسين بن علي رضي الله عنهما:
٤٦٠٠- قد كادَ سَمْكُ الهُدى يُنْهَدُّ قائمُهُ * حتى أتيحَ له المختارُ فانْعَمدا
في كلِّ ما هَمَّ أمضى رأيَه قُدُماً * ولم يُشاوِرَ في إقدامِه أحدا
بنَصْبِ راء "يُشاور" وجَعَله محتملاً للتخريجَيْنِ.
* ﴿ الَّذِيا أَنقَضَ ظَهْرَكَ ﴾
قوله: ﴿أَنقَضَ ظَهْرَكَ﴾: أي: حَمَلأه على النقيضِ وهو صوتُ الانتفاضِ والانفكاكِ لثِقَلشه، ومَثَلٌ لِما كان يُثْقِلُه صَلَّى الله عليه وسلَّم. قال أهل اللغة: أَنْقَضَ الحِمْلُ ظَهْرَ الناقةِ إذا سَمِعْتَ له صَريراً مِنْ شِدَّة الحِمْل وسمِعْتُ نقيضَ الرَّحْلِ، أي: صريرَه، قال العباس بن مرداس:
٤٦٠١- وأَنْقَضَ ظهري ما تَطَوَّيْتَ منهمُ * وكنتُ عليهم مُشْفِقاً مُتَحَنِّناً
وقال جميل:
٤٦٠٢- وحتى تداعَتْ بالنَّقيضِ حِبالُه *.......................
* ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ﴾
(١٤/٣٦٤)
---