وقال الزمخشري:"فإنْ قلتَ ما معنى قولِ ابن عباس؟ وذكرَ ما تقدَّم. قلت: هذه عَمَلٌ على الظاهرِ وبناءٌ على قوةِ الرجاء، وأنَّ موعدَ اللَّهِ لا يُحْمل إلاَّ على أَوْفى ما يحتملُه اللفظُ وأَبْلَغُه، والقولُ فيه أنه يحتمل أَنْ تكون الجملةُ الثانيةُ تكريراً للأولى، كما كرَّر قولَه: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ﴾ لتقريرِ معناها في النفوس وتمكينها في القلوب، وكما يُكَرَّر المفرد في قولك: "جاء زيدٌ زيدٌ" وأَنْ تكونَ الأولى عِدَةً بأنَّ العُسْرَ مُرْدَفٌ بيُسْرٍ لا مَحالَةَ، والثانيةُ عِدَةً مستأنفةٌ بأنَّ العُسْرَ متبوعٌ بيسر، فهما يُسْران على تقدير الاستئناف، وإنم كان العُسْرُ واحداً لأنه لا يخلو: إمَّا أَنْ يكونَ تعريفُه للعهدِ وهو العسرُ الذي كانوا فيه فهو هو؛ لأنَّ حكمَه حكمُ "زيد" في قولك: "إنَّ زيد مالاً، إنَّ مع زيد مالاً" وإمَّا أَنْ يكونَ للجنسِ الذي يَعْلَمُه كلُّ أحدٍ فهو هو أيضاً، وأمَّا اليُسْرُ فمنكَّرٌ مُتَناولٌ لبعض الجنسِ، وإذا كان الكلامُ الثاني مستأنفاً غيرَ مكررٍ فقد تناوَلَ بعضاً غيرَ البعضِ الأولِ بغيرِ إشكال".
(١٤/٣٦٦)
---


الصفحة التالية
Icon