قوله: ﴿الأَمِينِ﴾: هذا فَعيل للمبالغةِ، أي: أمِنَ مَنْ فيه، ومَنْ دخله مِنْ إنسِيّ وطيرٍ وحيوانٍ، ويجوزُ أَنْ يكونَ مِنْ أَمُنَ الرجلُ بضم الميم أمانةً فهو أمينٌ، وأمانتُه. حِفْظُه مَنْ دَخَلَه كما يَحْفظُ الأمينُ ما يُؤْتَمَنُ عليه. ويجوزُ أَنْ يكونَ بمعنى مَفْعول، مِنْ أَمِنَة لأنه مأمونُ الغَوائل.
* ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾
قوله: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا﴾: هذا هو المُقْسَمُ عليه.
قوله: ﴿فِيا أَحْسَنِ تَقْوِيم﴾ صفةٌ لمحذوفٍ، أي: في تقويم أحسنِ تقويم. وقال أبو البقاء: في أحسنِ تقويم في مضوع الحالِ من "الإنسان" وأراد بالتقويم القَوام لأنَّ التقويمَ فِعْلٌ وذاك وَصْفٌ للخالقِ لا للمخلوقِ. ويجوزُ أَنْ يكونَ التقديرُ: في أحسنِ قَوامِ التقويم، فحُذِف المضافُ. ويجوزُ أَنْ تكونَ "في" زائدةً" اي: "قَوَّمْناه أحسنَ تقويم" انتهى، ولا حاجةَ إلى هذه التكلُّفاتِ
* ﴿ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ﴾
قوله: ﴿أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴾: يجوزُ فيه وجهان، أحدهما: أنه حالٌ من المفعول. والثاني: أنه صفةٌ لمكانٍ محذوفٍ، أي: مكاناً أسفلَ سافِلين وقرأ عبد الله "السَّافلين" معرَّفاً.
* ﴿ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴾
قوله: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُواْ﴾: فيه وجهان أحدهما: أنه متصلٌ على أنَّ المعنى: رَدَدْناه أسفلَ مِنْ سِفْلٍ خلْقاً وتركيباً يعني: أقبحَ مِنْ خَلْقِه وأَشْوَهَه صورةً، وهم أهلُ النار فالاتصالُ على هذا واضحٌ، والثاني: أنه منقطعٌ على أنَّ المعنى: رَدَدْناه بعد ذلك التقويم والتحسين أسفَل مِنْ سِفْل في أحسنِ الصورةِ والشكلِ حيث نَكَّسْناه في خلْقِه فقوَّسَ ظهرُه وضَعُفَ بصرُه وسَمْعُه. والمعنى: ولكن الذين كانوا صالحين مِنْ الهَرْمى فلهم ثوابٌ دائمٌ، قاله الزمخشري ملخصاً.
(١٤/٣٦٩)
---