أي: في الدنيا ضرورةً" قلت: وَجْهُ مَنْ منع ذلك أنه قال: صار الخبرُ مطلوباً من جهتَيْن: مِنْ جهة كونِه مُخْتَبراً به فهو أحدُ جُزْأي الإسناد، ومِنْ حيث كونُه منصوباً بالفعلِ. وهذا مُنْتَقَضٌ بمعفولَيْ "ظَنَّ" فإنَّ كلاًّ منهما فيه المعنيان المذكوران، ومع ذلك يُحْذفان - أو أحدُهما - اختصاراً، وأمَّا ففيه خِلافٌ وتفصيلٌ مرَّ تفصيلُه في غضونِ هذا التصنيفِ.
قوله: ﴿حَتَّى تَأْتِيَهُمُ﴾: متعلقةٌ بـ "لم يكنْ" أو بـ "مُنْفَكِّين".
* ﴿ رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُواْ صُحُفاً مُّطَهَّرَةً ﴾
قوله: ﴿رَسُولٌ﴾: العامَّةُ على رفعِه بدلاً من "البيِّنة": إمَّا بدلَ اشتمالٍ، وإمَّا كلٍ مِنْ كل سبيل المبالغة، جَعَلَ الرسولَ نفسَ البيِّنة، أو على حَذْفِ مضافٍ، أي: بَيِّنَةُ رسولٍ. ويجوزُ رَفْعُه على خبرِ ابتداءِ مضمرٍ، أي: هي رسولٌ عبد الله وأُبَيّ "رسولاً" على الحالِ من البيِّنة. والكلامُ فيها على ما تقدَّم من المبالغة أو حذف المضافِ.
قوله: ﴿مِّنَ اللَّهِ﴾ يجوزُ تعلُّقُه بنفس "رسولٌ" أو بمحذوفٍ على أنه صفةٌ لـ "رسول" وجَوَّز أبو البقاء وجهاً ثالثاً وهو: أَنْ يكونَ حالاً مِنْ "صُحُفاً" والتقدير: يتلُو صُحُفاً مطهَّرة منزَّلةً مِنْ الله، يعن كانت في الأصل صفةً للنكرة فلَّما تقدَّمَتْ علهيا نُصِبَتْ حالاً.
قوله: ﴿يَتْلُو﴾: يجوزُ أَنْ يكونَ صفةً لـ"رسول"، وأَنْ يكونَ حالاً مِنْ الضمير في الجارِّ قبلَه إذا جَعَلْتَه صفةً لـ "رسول".
* ﴿ فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ﴾
قوله: ﴿فِيهَا كُتُبٌ﴾: يجوزُ أَنْ تكونَ جملةً صفةً لـ "صُحُفاً"، أو حالاً مِنْ ضمير "مُطَهَّرَة" وأَنْ يكونَ الوصفُ أو الحالُ الجارَّ والمجرور فقط، و"كُتُبٌ" فاعلٌ به، وهو الأحسنُ.
(١٤/٣٧٩)
---