قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾: كما مَرَّ في أول السورة. وقولُه: "في نارِ" هذا هو الخبرُ، و"خالدين" حالٌ من الضمير المستكنِّ في الخبر.
* ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَائِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾
قوله:﴿الْبَرِيَّةِ﴾: قرأ نافعٌ وابن ذَكْوان "البَريئة" الهمزِ في الحرفَيْن، والباقون بياءٍ مشدَّدةٍ. واخْتُلِف في ذلك الهمز، في الحَرفْين، والباقون بياءٍ مشدَّةِ. واخْتُلِف في ذلك الهمز، فقيل: هو الأصلُ، مِنْ بَرَأ اللَّهُ الخَلْقَ ابتدأه واخترعَه فيه فعليةٌ بمعنى مَفْعولةٌ، وإنما خُفِّفَتْ، والتُزِمَ تحفيفُها عند عامَّةِ العربِ. وقد ذَكَرْتُ أنَّ العربَ التزمَتْ غالباً تخفيفَ ألفاظٍ منها: النبيُّ والخابيةَ والذُّرِّيَة والبَرِيَّة. وقيل: بل البَرِيَّةُ دونَ همزةِ مشتقةٌ مِنْ البَرا، وهو الترابُ، فيه أصلٌ بنفسِها، فالقراتان مختلفتا الأصلِ متفقتا المعنى. إلاَّ أنَّ ابنَ عطيةَ غَضَّ مِنْ هذا فقال: "وهذا الاشتقاقُ يَجْعَلُ الهمزةَ خطأً وهو اشتقاق غيرُ مَرْضِيّ" انتهى. يعني أنَّه إذا قيل بأنَّها مشتقةٌ من البَرا - وهو الترابُ - مُسْتقلَّان، لكلِ منهما أصل مستقلٌ، فقيل: مِنْ بَرَأَ، أي: خَلَق، وهذه مِنْ البَرا؛ لأنَّهم خُلِقوا مِنْه، والمعنى بالقراءتين شيءٌ واحدٌ، وهو جميعُ الخَلْقِ. ولا يُلْتَفَتُ إلى مَنْ ضَعَّف الهمزة من النحاةِ والقُرَّاءِ لثبوتِه متواترِاً.
وقرأ العامَّةُ "خيرُ البَرِيَّة" مقابلاً لشَرّ. وعامر بن عبد الواحد "خِيارُ" وهو جمع خَيِّر نحو: جِياد وطِياب في جمع جَيِّد وطَيِّب، قاله الزمخشري.
* ﴿ جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً رِّضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ﴾
(١٤/٣٨١)
---