وقرأ ابن عامر "لإلافِ" دونَ ياءٍ قبل اللامِ الثانية، والباقون "للإيلاف" بياءٍ قبلَها، وأَجْمَعَ الكلُّ على إثبات الياءِ في الثاني، وهو "إيلافِهِمْ" ومِنْ غريب ما اتَّفَق في هذَيْن الحرفَيْنِ أنَّ القرَّاء اختلفوا في سقوطِ الياء وثبوتِها في الأولِ، مع اتفاق المصاحفِ على إثباتِها خَطَّاً، واتفقوا على إثبات الياءِ في الثاني مع اتفاقِ المصاحفِ على سقوطِها فيه خَطَّاً، فهو أَدَلُّ دليلٍ على أنَّ القُرَّاءَ مُتَّبِعون الأثرَ والروايةَ لا مجرَّدَ الخطِّ.
فأمَّا قراءةُ ابنِ عامرٍ ففيها وجهان، أحدُهما: أنه مصدرٌ لـ أَلِف ثلاثياً يُقال: أَلِفْتُه إلافاً، نحو: كتبتُه كِتاباً، يُقال: أَلِفْتُه إلْفاً وإلافاً. وقد جَمَعَ الشاعرُ بينَهما في قوله:
٤٦٤٧- زَعَمْتُم أنَّ إخْوَتَكُمْ قُرَيْشٌ * لهم إلْفٌ وليس لكُمْ إلافُ
والثاني: أنَّه مصدرُ آلَفَ رباعياً نحو: قاتَلَ قِتالاً. وقال الزمشخري: "أي: لمُؤالَفَةِ قريش".
وأمَّا قراءةُ الباقين فمصدرُ آلَفَ رباعياً بزنةِ أَكْرَم يقال: آلَفْتُه أُوْلِفُه إيلافاً. قال الشاعر:
٤٦٤٨- مِنَ المُؤْلِفاتِ الرَّمْلِ أَدْماءُ حُرَّةٍ * شعاعُ الضُّحى في مَتْنِها يَتَوضَّحُ
وقرأ عاصمٌ في روايةٍ ﴿إإلافهم﴾ بمهزتين: الأولى مسكورةٌ والثانية، ساكنةٌ، وهي شاذَّةٌ، لأنه يجب في مثله إبدالُ الثانية حرفاً مجاناً كإيمان. ورَويَ عنه أيضاً بِهَمَزَتين مَكْسورتَيِن بعدهما ياءٌ ساكنةٌ. وخُرِّجَتْ على أنه أَشْبَعَ كسرةً الهمزة الثانية فتولَّد منها ياءٌ، و هذه أَشَذُ مِنْ الأولى ونَقَلَ أبو البقاء أشَذَّ منها فقال: "بهمزةٍ مكسورةٍ بعدها ياءٌ ساكنةٌ، بعدها همزةٌ مسكورةٌ، وهو بعيدٌ. ووّجْهُها أنه أشبعَ الكسرةًَ فنشَأَتْ الياءُ، وقَصَد بذلك الفصلَ بين الهمزتَيْن كالألفِ في ﴿أَأَنذَرْتَهُمْ
﴾. وقرأ أبو جعفر "لإلْفِ قُرَيْشٍ" بزنة قِرْد. وقد تقدَم أنه مصدرٌ لأَلِفَ كقوله:
(١٤/٤٠١)
---