والجوابُ عن قوله: "فاسم الإشارةِ غيرُ ممتكِّنِ" إلى آخره: أنَّ الفرقَ بينهما أنَّ في الآية الكريمة استفهاماً وهو "أرأيْتَ" فحَسُنَ أَنْ يُفَسِّرَ ذلك المُسْتَفْهَمَ عنه، بخلافِ المثالِ الذي مَثَّل به، فمِنْ ثَمَّ حَسُنَ التركيبُ المذكورُ وعن قوله: "لأنَّ "فذلك" إشارةٌ إلى "الذي يُكَذِّب" بالمنع" بل مُشارٌ به إلى ما بعدَه كقولك: "اضْرِبْ زيداً، فذلك القائمُ" إشارةٌ إلى القائمِ لا إلى زيد، وإنْ كان يجوزُ أَنْ يكونَ إشارةً إليه. وعن قوله "فلا يُسَمَّى جواباً" أنَّ النحاةَ يقولون: جوابُ الاستفهام، وهذا قد تَقَدَّمه استفهمامٌ فَحَسُنَ ذلك. وعن قوله: "والاستفهامُ لا يَدْخُلُ إلاَّ على الخبر" بالمعارضةِ بقوله تعالى: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ﴾ فإنَّ "عَسىٍ" إنشاءٌ، فما كان جواباً له فهو جوابٌ لنا.
وقرأ العامَّةُ بضمِّ وتشنديد العينِ مِنْ دَعَّه، أي: دَفَعه وأمير المؤمنين والحسن وأبو رجاء "يَدَعُ" بفتحِ الدالِ وتخفيفِ العين، أي: يَتْرُكُ ويُهْمِلُ وزيدُ ين علي "ولا يُحاضُّ" مِن المَحَاضَّةُ وتقدَّم في الفجر.
* ﴿ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ ﴾
قوله: ﴿لِّلْمُصَلِّينَ﴾ خبرٌ لقولِه: "فوَيْلٌ" والفاءُ للتسَبُّبِ، أي: تَسَبَّبَ عن هذه الصِّفاتِ الذَّميمة الدعاءُ عليهم بالوَيْلِ لهم. قال الزمخشري بعد قوله: "كأنَّه قيل: أخْبِرْني، وما تقول فيمَنْ يُكذِّبُ بالدين إلى قوله: أنِعْمَ ما يصنعُ" ثم قال الله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ﴾ أي: إذا عُلِمَ أنَّه مُسِيءٌ فوَيْلٌ للمُصَلِّيْنَ على معنى فوَيْلٌ لهم، إلاَّ أنَّه وَضَعَ صفتَهم موضعَ ضميرِهم، لأنهم كانوا - مع التكذيب وما أُضيفَ إليه - ساهين عن عن الصلاة مُرائين غيرَ مُزكِّيْنَ أموالَهم. فإنْ قلتَ: كيف جَعَلْتَ المُصَلِّي قائماً مَقامَ ضميرِ الذي يُكَذِّبُ وهو واحدٌ؟ قلت: لأنَّ معناه الجمعُ، لأنَّ المرادَ به الجنسُ".
(١٤/٤٠٦)
---


الصفحة التالية
Icon