قوله: ﴿الَّذِى يُوَسْوِسُ﴾: يجوز جَرُّه نعتاً وبدلاً وبياناً لجَريانه مَجْرى الجوامِد، ونصبُه ورفعُه على القطع.
* ﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾
قوله: ﴿مِنَ الْجِنَّةِ﴾: فيه أوجهٌ، أحدُها: أنه بدلٌ من "شَرِّ" بإعادة العاملِ، أي: مِنْ شَرذِ الجِنة. الثاني: أنه بدلٌ مِنْ ذي الوَسواس؛ لأنَّ المُوَسْوِسَ من الجنِّ والإنس. الثالث: أنَّه حالٌ من الضمير في "يُوَسْوِسُ" أي: يُوَسْوِس حالَ كونِه مِنْ هذين الجنسَيْن. الرابع: أنه بدلٌ من "الناس" وجَعَلَ "مِنْ تَنْبييناً. وأَطْلَقَ على الجِنِّ اسمَ الناس؛ لأنهم يتحرَّكون في مُراداتهم، قاله أبو البقاء. إلاَّ أنَّ الزمخشري أبطلَ فقال بعد أَنْ حكاه: "واسْتَدَلُّوا بـ ﴿نَفَرٌ﴾ و ﴿رِجَالٌ﴾ ما أحقَّه؛ لأن الجنَّ سُمُّوا جِنَّاً لاجتنانِهم ولاناسَ ناساً لظهورِهم، من الإيناس وهو الإبصار، كما سُمُّوا بَشَراً. ولو كان يقع الناسُ على القبيلَيْنِ وصَحَّ وثَبَتَ لم يكن مناسِباً لفصاحةِ القرآن وبعده مِنَ التَصَنُّع، وأَجْوَدَ من أن يرادَ بالناس الناسي كقوله: ﴿يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ﴾ وكما قرئ ﴿مِنْ حيث أفاضَ الناسي﴾ ثم بُيِّنَ بالجِنة والناس؛ لأنَّ الثَّقَلَيْن هما النوعان الموصوفانِ بنسْيان حَقِّ اللَّهِ تعالى" قلت: يعني أنه اجتُرئ بالكسرةِ عن الياء، والمرادُ اسمُ الفاعلِ، وقد تقدَّم تحقيق هذا في البقرة، وأَنْشَدْتُ عليه هناك شيئاً من الشواهد.
(١٥/١٩)
---


الصفحة التالية
Icon