[وقولُه تعالى:] ﴿وَآيَةٌ لَّهُمُ الْلَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ﴾ وقد تقدَّم الكلامُ على مثلِ قولِه: ﴿الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ كيف وُصِلَ الموصول بهذا، والجوابُ عنه في قولِه: ﴿خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ قوله ﴿أَيَّاماً﴾ في نصبِه أربعةُ أوجه، أظهرُها: أنه منصوبٌ بعاملٍ مقدَّرٍ يَدُلُّ عليه سياقُ الكلامِ تقديرُه: صوموا أياماً، ويَحْتَمِلُ هذا النصبُ وجهين: إمَّا الظرفيةَ وإمَّا المفعولَ به اتساعاً.
الثاني: أنه منصوبٌ بالصيام، ولم يَذْكُرِ الزمخشري غيرَه، ونَظَّرهُ بقولِكَ: "نَوَيْتُ الخروجَ يوم الجمعةِ"، وهذا ليس بشيءٍ، لأنَّه يلزُم الفصلُ بين المصدرِ ومعمولِهِ بأجنبي، وهو قولُه :"كما كُتِبَ" لأنه ليس معمولاً للمصدرِ على أيَّ تقديرٍ قَدَّرْتَه. فإنْ قِيل: يُجْعَل "كما كُتِبَ" صفةً للصيام، وذلك على رأي مَنْ يُجِيزِ وَصْفَ المعرَّفِ بأل الجنسيةِ بما يَجْرِي مَجْرى النكرةِ فلا يكونُ أجنبياً. قيل: يَلْزُمُ مِنْ ذَلك وصفُ المصدرِ قبل ذِكْرِ معمولِهِ، وهو ممتنعٌ.
الثالث: أنه منصوبٌ بالصيام على أَنْ تقدِّرب الكافَ نعتاً لمصدرٍ من الصيام، كما قد قال به بعضُهم، وإنْ كان ضعيفاً، فيكونُ التقديرُ: "الصيام صوماً كما كُتِبَ" فجاز أن يَعْمل في "أياماً" "الصيامُ" لأنه إذ ذاك عاملٌ في "صوماً" الذي هو موصوفٌ بـ"كما كُتِبَ" فلا يقعُ الفصلُ بينهما بأجنبي بل بمعمولِ المصدرِ.
الرابع: أن ينتصِبَ بكُتب: إمَّا على الظرف وإمَّا على المفعولِ به توسُّعاً، وإليه نحا الفَراء وتَبِعَهُ أبو البقاء. قال الشيخ: "وكِلا القولينِ خطأٌ: أمَّا النصبُ على الظرفِ فإنه محلٌّ للفعل، والكتابةُ ليست واقعةً في الأيامِ، لكنْ متعلَّقُها هو الواقعُ في الأيام. وأمَّا النصبُ على المفعولِ اتِّساعاً فإنَّ ذلك مبنيٌّ على كونِهِ ظرفاً لكُتِبَ، وقد تقدَّم أنه خطأ.
(٢/٢٥٢)
---


الصفحة التالية
Icon