وإنَّما وُصِفَت الأيام بـ"أُخَر" من حيث إنها جَمْعُ ما لا يَعْقِلُ، وجَمْعُ ما لا يَعْقِلُ يجوزُ أن يعامَلَ معاملَةَ الواحدَةِ المؤنثةِ ومعاملةَ جَمْعِ الإِناث، فَمِن الأولِ: ﴿وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى﴾، ومِنْ الثاني هذه الآيةُ ونظائرها، وإنما أُوثِرَ هنا معاملتُه معاملَةَ الجَمْعِ لأنه لو جِيءَ به مُفْرَداً فقيل: عِدَّةٌ من أيامٍ أخرى لأوْهَمَ أنه وصفٌ لعِدَّة فيفوتُ المقصودُ.
قوله: ﴿يُطِيقُونَهُ﴾ الجمهورُ على "يُطِيقُونه" من أطاق يُطِيق، مثل أَقامَ يُقيم. وقَرَأَ حُميد: "يُطْوِقُونه" من أَطْوقَ، كقولهم: أَطْوَلَ في أَطال، وأَغْوَلَ في أَغال، وهذا تصحيحٌ شاذ، ومثله في الشذوذ من ذواتِ الواو: أَجْوَدَ بمعنى أجاد، ومِنْ ذوات الياء: أَغْيَمتِ السماءُ وأَجْيَلَت، وأَغْيَلَتِ المرأة، وأَطْيَبَت، وقد جاء الإِعلال في الكلِ وهو القياسُ، ولم يَقُلْ بقياسِ نحو: "أَغْيَمَت" و "أطْوَل" إلا أبو زيد.
وقرأ ابن عباس وابن مسعود: "يُطَوَّقونه" مبنياً للمفعول من طَوَّق مضعفاً على وزنِ قَطَّع. وقرأت عائشة وابن دينار: "يَطَّوَّقُونَه" بتشديد الطاء واواو من أَطْوَقَ، وأصلُه تَطَوَّق، فَلَمَّا أُريد إدغامُ التاءِ في الطاء قُلِبَتْ طاءً، واجْتُلِبَتِ همزةُ الوصل لتمكُّنِ الابتداءِ بالساكن، وقد تقدَّم تقريرُ ذلك في قولِه: ﴿أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾. وقرأ عكرمة وطائفةٌ: "يَطَّيَّقونُه" بفتحِ الياء وتَشْدِيد الطاء والياء، وتُرْوى عن مجاهدٍ أيضاً. وقُرىء أيضاً هكذا لكن ببناءِ الفعل للمفعول.
(٢/٢٥٥)
---


الصفحة التالية
Icon