والإيقانُ: تحقيقُ الشيء لوضوحِه وسكونِه يقال: يَقِنَ الماءُ إذا سَكَن فظهر ما تحته، وَيَقِنْتُ الأمر بكسر القاف، ويُوقنون مِنْ أَيْقَنَ بمعنى استيقن، وقد تقدَّم أن أَفْعَل تأتي بمعنى استفعل.
والآخرة: تأنيث آخِر المقابل لأوَّل، وهي صفةٌ في الأصلِ جَرَتْ مَجْرى الأسماءِ والتقديرُ: الدار الآخرة أو النشأة الآخرة، وقد صُرِّح بهذين الموصوفين قال تعالى: ﴿وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ﴾ وقال: ﴿ثُمَّ اللَّهُ يُنشِىءُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ﴾ وقرئ يُؤْقِنُون بهمز الواو، كأنهم جَعَلوا ضمةَ الياءِ على الواوِ لأنَّ حركةَ الحرف بين يديه، والواوُ المضمومةُ يَطَّرِدُ قلبُها همزةً بشروط: منها ألاَّ تكونَ الحركةُ عَارضةً، وألاَّ يمكنَ تخفيفُها، وألاَّ يكونَ مُدْغماً فيها، وألاّ تكونَ زائدةً، على خلافٍ في هذا الأخير، وسيأتي أمثلةُ ذلك في سورة آل عمران على قوله: ﴿وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ﴾ فأجْرَوا الواوَ الساكنةَ المضمومَ ما قبلها مُجْرى المضمومةِ نفسِها لما ذكرت ذلك، ومثلُ هذه القراءةِ قراءةُ قُنْبُل "بالسُّؤْقِ"، و "على سُؤْقِه"، وقال الشاعر:
١٢٨- اَحَبُّ المُؤْقِدينَ إليَّ موسى * وجَعْدَةُ إذ أضاءَهُما الوَقودُ
بهمز "المُؤْقِدينَ". وجاء بالأفعال ِ الخمسة بصيغة المضارع دلالةً على التجدُّد والحُدوثِ وأنهم كلَّ وقتٍ يفعلون ذلك. وجاء بأُنْزِل ماضياً وإن كان إيمانُهم قبلَ تمامِ نزولهِ تغليباً للحاضرِ المُنَزَّلِ على ما لم يُنَزَّلُ، لأنه لا بد من وقوعه فكأنه نَزَل، فهو من باب قولهِ: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾ بل أقربُ منه لنزولِ بعضِهِ.
* ﴿ أُوْلَائِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَائِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾
(١/٦٨)
---


الصفحة التالية
Icon