وأجاز أبو البقاء أن يكونَ "أو به أذى" معطوفاً على "كان"، وأَعْرَبِ "به" خبراً مقدماً متعلِّقاً بالاستقرارِ، و "أذى" مبتدأ مؤخراً، والهاءُ في "به" عائدةٌ على مَنْ. وهذا الذي قاله خَطَّأَهُ الشيخُ فيه، قال: "لأنه كان قد قَدَّ أن "مَنْ" شرطيةُ، وعلى هذا التقدير يكون خطأ، لأن المعطوفَ على جملةِ الشرط شرطٌ والجملةُ الشرطيةُ لا تكونُ إلا فعليةً، وهذه كما ترى جملةُ اسميةٌ على ما قَرَّرَهُ. فكيف تكونُ معطوفةً على جملةِ الشرطِ التي يجِبُ أن تكونَ فعليةً؟ فإنْ قيل: فإذا جَعَلْنَا "مَنْ" موصولةً فهل يَصِحُّ ما قاله من كون "به أذى" معطوفاً على "كان"؟ فالجوابُ أنه لا يَصِحُّ أيضاً؛ لأنَّ "مَنْ" الموصولةَ إذا ضَمِّنَتْ معنى اسم الشرطَ لزِمَ أن تكونَ صلتُها جملةً فعليةً أو ما هي في قوتها". والباءُ في "به" يجوزُ فيها وجهان، أحدُهما: أن تكونَ للإِلصاق، والثاني: أن تكونَ ظرفيةً.
قولُهُ: ﴿مِّن رَّأْسِهِ﴾ فيه وجهان، أحدُهما: أنَّه في محلِّ رفع لأنه صفةٌ لأذى، أي أذى كائنٌ من رأسِهِ. والثاني: أن يتعلَّق بما يعلَّقُ "به" من الاستقرارِ، وعلى كلا التقديرين تكونُ "مِنْ" لابتداءِ الغاية.
قوله: ﴿فَفِدْيَةٌ﴾ في رفعها ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أن تكونَ مبتدأً والخبرُ محذوفٌ، أي: فعليه فديةٌ. والثاني: أنْ تكونَ خبرَ مبتدأ محذوف أي: فالواجبُ عليه فديةٌ. والثالثُ: أن يكونَ فاعلَ فعلٍ مقدَّر أي: فَتَجِبُ عليه قديةُ. وقُرىء شاذاً: "فَفِدْيَةً" نصباً، وهي على إضمارِ فعلٍ أي: فَلْيَفْدِ فديةً. و "مِنْ صيام" في محلذِ رفعٍ أو نصبٍ على حسب القراءتين صفةً لـ"فدية"، فيتعلَّقُ بمحذوفٍ، و "أو" للتخيير، ولا بُدَّ مِنْ حَذْفِ فعلٍ قبلَ الفاء تقديرهُ: فَخَلأَقَ فَفِدْيَة.
(٢/٢٩٧)
---