والهمزةُ في "أأنذرتَهُمْ" الأصلُ فيها الاستفهامُ وهو هنا غيرُ مرادٍ، إذ المرادُ التسويةُ، و "أأنْذَرْتَهم" فعل وفاعل ومفعول.
(١/٧١)
---
و "أم" هنا عاطفةٌ وتٌُسَمَّى متصلةً، ولكونها متصلةٌ شرطان، أحدُهما: أن يتقدَّمها همزةُ استفهامٍ أو تسويةٍ لفظاً أو تقديراً، والثاني: أن يكونَ ما بعدها مفرداً أو مؤولاً بمفرد كهذه الآية، فإنَّ الجملةَ فيه بتأويلِ مفردٍ كما تقدَّم وجوابُها أحدُ الشيئين أو الأشياء، ولا تُجَاب بنَعَمْ ولا بـ "لا". فإنْ فُقِدَ شرطٌ سُمِّيَتْ منقطعةً ومنفصلةً. وتُقَدَّر بـ بل والهمزةِ، وجوابُها نعمخ أوْلا، ولها أحكامٌ أُخَرْ.
و"لم" حرفُ جزمٍ معناه نَفْيُ الماضي مطلقاً خلافاً لِمَنْ خَصَّها بالماضي المنقطع، ويدلُّ على ذلك قولُه تعالى: ﴿وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّاً﴾ ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾ وهذا لا يُتَصَوَّر فيه الانقطاعُ، وهي من خواصِّ صيغ المضارع إلا أنها تَجْعَلُه ماضياً في المعنى كما تقدَّم، وهل قَلَبَت اللفظَ دون المعنى، أم المعنى دونَ اللفظ؟ قولان أظهرُهما الثاني، وقد يُحْذَفُ مجزومُها.
والكَفْر: السِّتْر، ومنه سُمِّي الليل كافراً، قال:
١٣٧- فَوَرَدَتْ قبلَ انبلاجِ الفجرِ * وابنُ ذُكَاءٍ كامِنٌ في كَفْرِ
وقال آخر:
١٣٨-....................... * أَلْقَتْ ذُكاءُ يمينَها في كافِر
وقال آخر:
١٣٩-...................... * في ليلةٍ كَفَر النجومَ غَمامُها
و "سواء" اسمٌ بمعنى الاستواء فهو اسمُ مصدرٍ ويُوصف على أنه بمعنى مُسْتوي، فيتحمَّل حينئذ ضميراً، ويَرْفع الظاهرَ، ومنه قولُهم: مررت برجلٍ سواءٍ والعدمُ" برفع "العَدَم" على أنه معطوفٌ على الضمير المستكِّن في "سواء"، وشذَّ عدمُ الفصل، ولا يُثَنَّى ولا يُجْمع: إمَّا بكونِه في الأصل مصدراً، وإمَّا للاستغناء عن تثنيته بتثنيةِ نظيرهِ وهو "سِيّ" بمعنى مِثْلَ، تقول: "هما سِيَّان" أي مَثْلان، قال:


الصفحة التالية
Icon