قوله: ﴿وَسَبْعَةٍ﴾ الجمهورُ على جَرِّ "سبعة" عطفاً على ثلاثة. وقرأ زيد بن علي وابن أبي عبلة: "وسبعةً" بالنصب. وفيها تخريجان، أحدهما: قاله الزمخشري وهو أن يكون عطفاً على محلَّ "ثلاثة" كأنه قيل: فصيامُ ثلاثة، كقوله: ﴿أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ﴾، يعني أن المضافَ إليه المصدرُ منصوبٌ معنى بدليلِ ظهورِ عملِ المثنَوَّنِ النصبَ في "يتيماً". والثاني: أن ينتصبَ بفعلٍ محذوفٍ تقديرُه: "فَلْيَصُومُوا"، قال الشيخ: "وهذا مُتَعَيَّنٌ، لأنَّ العطفَ على الموضعِ يُشْتَرَطُ فيه وجودُ المُحْرِزِ" يعني على مذهب سيبويه.
قوله: ﴿إِذَا رَجَعْتُمْ﴾ منصوبٌ بصيام أيضاً، وهي هنا لِمَحْضِ الظرف، وليس فيها معنى الشرط. لا يقال: يَلْزَمُ أن يعملَ عامِلٌ واحدٌ في ظرفي زمان، لأنَّ ذلك جائزٌ مع العطفِ والبدلِ، وهنا يكونُ عَطَفَ شيئين على شيئين، فَعَطَفَ "سبعةٍ" على "ثلاثة" وعطف "إذا" على "في الحج".
وفي قوله: ﴿رَجَعْتُمْ﴾ شيئان: أحدُهما التفاتٌ، والآخرُ الحَمْلُ على المعنى، أمَّا الالتفاتُ: فإنَّ قبلَه "فَمَنْ تَمَتَّعَ فَمَنْ لَم يَجِدُ" فجاء بضمير الغَيْبَةِ عائداً على "مَنْ"، فلو سيق هذا على نظم الأولِ لقيل: "إذا رجع" بضميرِ الغَيْبَةِ. وأمَّا الحملُ: فلأنه أتى بضميرِ جمعٍ اعتباراً بمعنى "منْ"، ولو راعى اللفظَ لأفردَ، فقال: "رَجَعَ".
وقوله: ﴿تِلْكَ عَشَرَةٌ﴾ مبتدأ وخبرٌ، والمشارُ إليه هي السبعةُ والثلاثةُ، ومميِّزُ السبعةِ والعشرةِ محذوفٌ للعلمِ به. وقد أثبت تاءَ التأنيثِ في العددِ مع حَذْفِ التمييزِ، وهو أحسنُ الاستعمالَيْنِ، ويجوزُ إسقاطُ التاءِ حينئذٍ، وفي الحديث:"وأَتْبَعَهُ بستٍ من شوال"، وحكى الكسائي: "صُمْنَا من الشهرِ خمساً
(٢/٢٩٩)
---