* ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ ياأُوْلِي الأَلْبَابِ ﴾
قوله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ﴾: "الحَجُّ" مبتدأ و "أشهرٌ" خبرهُ، والمبتدأ والخبرُ لا بد أَنْ يَصْدُقَا على ذاتٍ واحدة، و "الحَجُّ" فِعْلٌ من الأفعال، و "أشهرٌ" زمانٌ، فهما غَيْران، فلا بُدَّ من تأويل، وفيه ثلاثةُ احتمالاتٍ، أحدُهما: أنه على حَذْف مضافٍ من الأول، تقديره: أشهرُ الحجِّ أشهرٌ معلوماتٌ. الثاني: الحَذْفُ من الثاني تقديرُه: الحَجُّ حَجُّ أشهرٍ، فيكونُ حَذَفَ من كلِّ واحدٍ ما أَثْبَتَ نظيرَهُ. الثالث: ان تَجْعَلَ الحدثَ نفسَ الزمانِ مبالغةً، ووجهُ المجازِ كونُه حالاً فيه، فلما اتُّسِعَ في الظرفِ جُعِلَ نفسَ الحدثِ، ونظيرُها: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً﴾ وإذا كان ظرفُ الزمانِ نكرةً مُخْبَراً به عن حَدَثٍ جاز فيه الرفعُ والصنبُ مطلقاً، أي: سواءً كان الحدث مستوعباً للظرفِ أم لا، هذا مذهبُ البصريين.
وأمَّا الكوفيون فقالوا: إنْ كانَ الحدثُ مستوعباً فالرفعُ فقط نحو: "الصومُ يومٌ" وإن لم يكن مستوعباً فهشام يلتزم رفعَه أيضاً نحو: "ميعادُك يومُ" والفراءُ يجيز نصبَه مثلَ البصريين، وقد نُقِلَ عنه أنه مَنَع نصْبَ "أشهر" يعني في الآية كتبُ النحويين. قال ابن عطية: "ومَنْ قَدَّر الكلامَ: [الحج] في أشهر فيلزَمُهُ مع سقوطِ حرفِ الجر نصبٌ الأشهر، ولم يقرأ به أحدٌ" قال الشيخ: "ولا يلزم ذلك، لأنَّ الرفعَ على جهةِ الاتساعِ، وإن كان أصلُهُ الجرَّ بفي".
(٢/٣٠٢)
---