(٢/٣١٠)
---
بالمؤنث كتاءِ التأنيث فَأَبَتْ تقديرَها" فمنع الزمخشري أن يكون التأنيثُ سبباً فيها فصار التنوينُ عنده للصرفِ. والثالث: أنَّ جمعَ المؤنثِ إنْ كان له جمعق مذكرٌ كمسلمات ومسلمين فالتنوين للمقابلةِ وإلاَّ فللصرفِ كعرفات.
والمشهورُ - حالَ التسمية به - أن يُنَوَّن وتُعْرِبَه بالحركتين: الضمة والكسرة كما لو كان جَمْعاً، وفيه لغة ثانية: وهو حَذْفُ التنوينِ تخفيفاً وإعرابُه بالكسرةِ نصباً. والثالثة: إعرابُه غيرض منصرف بالفتحة جراَ، وحكاها الكوفيون والأخفش، وأنشدَ قول امرىء القيس:
٨٨٧ - تَنَوَّرْتُها مِنْ أَذْرِعاتَ وأهلُها * بيثربَ أدنى دارِها نظرٌ عالي
بالفتح.
قوله: ﴿عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ﴾ فيه وجهان، أحدُهما: أن يتعلَّقَ بذاكروا. والثاني: أن يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه حالٌ من فاعلِ "اذكروا" أي: اذكروه كائنين عند المشعِر.
قوله: ﴿كَمَا هَدَاكُمْ﴾ فيه خمسةُ أقوالٍ، أحدُها: أن يكونَ في محلِّ نصبٍ على أنَّها نعتُ مصدرٍ محذوفٍ أي: ذكراً حسناً كما هداكم هدايةٌ حسنة، وهذا تقدير الزمخشري. والثاني: أن تكونَ في محلِّ نصبٍ على الحال من ضمير المصدرِ المقدرِ، وهو مذهبُ سيبويه. والثالث: أن تكونَ للتعليل بمعنى اللام، أي: اذكروه لأجلِ هدايته إياكم، حكى سيبويه "كما أنه لا يَعْلَمُ فتجاوزَ الله عنه". ومِمَّنْ قَالَ بكونِها للعِلِّيَّة الأخفشُ وجماعةٌ.
و "ما" في "كما" يجوزُ فيها وجهان، أحدُهما: أن تكونَ مصدريةً، فتكونَ مع ما بعدها في محلِّ جر بالكافِ، أي: كهدايته. والثاني: - وبه قال الزمخشري وابن عطية - أن تكونَ كافةً للكافِ عن العملِ، فلا يكونُ للجملة التي بعدها محلُّ من الإِعرابِ، بل إنْ وَقَع بعدَها اسمٌ رُفِعَ على الابتداء كقوله:
٨٨٨ - ونَنْصُرُ مولانا ونعلُم أنَّه * كما الناسُ مجرومٌ عليه وجَارِمُ
وقال آخر:
٨٨٩ - لعمرك إنني وأبا حميدٍ * كما النشوانُ والرجلُ الحليمُ
(٢/٣١١)
---


الصفحة التالية
Icon