هذا مذهبُ سيبويه وجمهورِ الناس. وقال ابن الطراوة: إنه يتعدَّى إليهما بنفسِه أصالةً، وإنما يتعدَّى بـ"من" لتضمُّنه معنى ما يتعدَّى بها، فعنده "استغفرت الله من كذا" بمعنى تُبْت إليه من كذا، ولم يَجِىءْ "استغفر" في القرآن متعدِّياً إلاَّ للأولِ فقط، فأمَّا قولُه تعالى: ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾﴿وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ﴾﴿فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ﴾ فالظاهرُ أنَّ هذه اللامَ لامُ العلةِ لا لامُ التعديةِ، ومجرورُها مفعولٌ من أجلِه لا مفعولٌ به. وأمّا "غَفَر" فَذُكِرَ مفعولُه في القرآنِ تارةً: ﴿وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ﴾، وحُذِف أخرى: ﴿وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ﴾. والسين في "استغفر" للطلبِ على بابها. والمفعولُ الثاني هنا محذوفٌ للعلم به، أي: مِنْ ذنوبكم التي فَرَطَتْ منكم.
* ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَآءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ ﴾
(٢/٣١٥)
---