قوله تعالى: ﴿مَّعْدُودَاتٍ﴾: صفة لأيام، وقد تقدَّم أن صفةَ ما لا يعقل يَطَّرِد جَمْعُها بالألفِ والتاءِ. وقد طَوَّل أبو البقاء هنا بسؤال وجواب، أما السؤالُ فقال: إنْ قيل "الأيام" واحدُها "يوم" و "المعدودات" واحدتُها "معدودةٌ"، واليومُ لا يُوَصَفُ بمعدودة لأنَّ الصفةَ هنا مؤنثة والموصوفُ مذكَّر، وإنما الوجهُ أن يقالَ: "أيامٌ معدودةٌ" فَتَصِفُ الجمع والموصوفُ مذكَّر، وإنما الوجهُ أن يقالَ: "أيامٌ معدودة" فَتَصِفُ الجمع بالمؤنثِ، فالجوابُ أنه أَجْرى "معدودات" على لفظ أيام، وقابَلَ الجمعَ بالجمع مجازاً، والأصلُ معدودة، كما قال: ﴿لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً﴾، ولو قيل: إن الأيام تَشْمل على الساعات، والساعةُ مؤنثة فجاء الجمعُ على معنى ساعات الأيام، وفيه تنبيهٌ على الأمر بالذكر في كلِّ ساعاتِ هذه الأيامِ أو في معظمِها لكانَ جواباً سديداً. ونظيرُ ذلكَ الشهر والصيف والشتاء فإنَها يُجاب بها عن كم، [وكم] إنما يجابُ عنها بالعدد، وألفاظُ هذه الأشياءِ ليسَتْ عدداً وإنما هي أسماءُ المعدودا فكانت جواباً من هذا الوجهِ" وفي هذا السؤالِ والجوابِ تطويلٌ من غيرِ فائدةٍ، وقولُه "مفرد معدودات معدودة بالتأنيث" ممنوعٌ بل مفردُهَا "معدود" بالتذكير، ولاَ يضُرُّ جمعُه بالألفِ والتاء، إذ الجمع بالألفِ والتاءِ لاَ يسْتْدعي تأنيثَ المفرد، ألا ترى إلى قولِهم: حَمَّامات وسِجِلاَّت وسُرادِقات.
(٢/٣٢٢)
---


الصفحة التالية
Icon