* ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾
قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ﴾: هذه الجملةُ الشرطيةُ تحتملُ الوجهين المتقدِّمَيْنِ في نظيرتِها، أعني كونَها مستأنفةً أو معطوفةً على "يُعْجِبُك" وقد تقدَّم أيضاً أولَ السورةِ عند قولِهِ: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُ﴾ ما لذي قام مقام الفاعلِ؟ وخلافُ الناسِ فيه.
قوله: "بالإِثمِ" في هذه الباءِ ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنْ تكونَ للتعديةِ وهو قولُ الزمخشري فإنه قال: "أَخَذْتُهُ بكذا إذا حَملْتُهُ عليه وأَلْزَمْتُهُ إياه أي: حَمَلَتْهُ العِزَّةُ على الإِثْمِ وأَلْزَمَتْهُ ارتكابَه" قال الشيخ: "وباء التعدية بابُها الفعلُ اللازم نحو: ﴿ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ﴾، ﴿[وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ لَذَهَبَ] بِسَمْعِهِمْ﴾، ونَدَرَتِ التعديةُ بالباءِ في المتعدِّي نحو: "صَكَكْتُ الحجرَ بالحجرِ" أي: جَعَلْتُ أحدَهما يَصُكُّ الآخرَ. الثاني: أن تكونَ للسببيةِ بمعنى أنَّ إثمَه كان سبباً لأخْذِ العِزَّةِ له كما في قوله:
٩٠١ - أَخَذَتْهُ عِزَّةٌ مِنْ جَهْلِهِ * فَتَوَلَّى مُغْضَباً فِعْلَ الضَّجِرْ
والثالث: أن تكونَ للمصاحبةِ فتكونَ في محلِّ نصبٍ على الحالِ، وفيها حينئذٍ وجهانِ، أحدُهما: أن تكونَ حالاً من "العزَّةُ" أي: ملتبسةً بالإِثمِ. والثاني: أن تكنَ حالاً من المفعولِ أي: أَخَذَتْهُ ملتبساً بالإِثمِ.
(٢/٣٣٢)
---


الصفحة التالية
Icon