وقوله: "نحو قوله: تَحْمِلُه" يعني أنَّ "تَحْمِلُهُ" حالٌ من فاعل "أَتَتْ" ومِنَ الهاء في "بِهِ". قال الشيخ: "هذا المثالُ ليس مطابقاً للحال من شيئين لأنَّ لفظَ "تَحْمِلُهُ" لا يحتمل شيئين، ولا تقع الحالُ من شيئين إلا إذا كان اللفظُ يحتملُها، واعتبارُ ذلك بجَعْلِ ذوي الحال مبتدأين، وجَعَل تلك الحالَ خبراً عنهما، فمتى صَحَّ ذلك صَحَّتِ الحالُ نحو:
٩٠٩ - وَعُلِّقْتُ سلمى وَهْيَ ذاتُ مُوَصَّدٍ * ولم يَبْدُ للأتْرابِ من ثَدْيِها حَجْمُ
صَغِيرَيْنِ نَرْعى البَهْم يا ليت أنَّنا * إلى اليومِ لم نَكْبَر ولم تكْبَرِ البُهْمُ
فصغيرَيْنِ حالٌ من فاعل "عُلِّقْتُ" ومن "سلمى" لأنك لو قُلْت: أنا وسَلْمى صغيران [لَصَحَّ]، ومثلُه قولُ امرىءِ القيس:
٩١٠ - خَرَجْتُ بها نمشي تَجُرُّ وراءَنا * على أَثَرَيْنَا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّلِ
فنمشي حالٌ من فاعل "خَرَجْتُ" ومن "ها" في "بها"، لأنَّك لو قلت: "أنا وهي نمشي" لصَحَّ، ولذلك أَعْب المُعْرِبون "نَمْشِي" حالاً منهما كما تَقَدَّم، و "تَجُرُّ" حالاً من "ها" في "بها" فقط، لأنه لا يصلح أن تجعل "تَجُرُّ" خبراً عنهما، لو قلت: "أنا وهي تَجَرُّ" لم يَصِحَّ فكذلك يتقدَّر بمفردٍ وهو "جارَّة" وأنت لو أَخْبَرْتَ به عن اثنين لم يَصِحَّ فكذلك "تحمله" لا يَصْلُح أن يكونَ خبراً عن اثنين، فلا يَصِحُّ أن يكونَ حالاً منهما، وأمَّا "كافة" فإنها بمعنى "جميع"، و "جميع" يَصحُّ فيها ذلك، لا يُقال: فلذلك لا تقع حالاً على ما قَرَّرتُ؛ لأنَّ ذلك إنما هو بسبب التزام نصب "كافةً" على الحال، وأنها لا تتصرَّف لا من مانعِ معنوي، بدليلِ أنَّ مرادفها وهو "جميع" و "كل" يُخْبَرُ به، فالعارضُ المانِعُ لـ"كافَّة" من التصرُّفِ لا يَضُرُّ، وقوله: "الجماعة التي تَكُفُّ مخالِفيها" يعني أنَّها في الأصلِ كذلك، ثم صار استعمالها بمعنى جميع وكُل".
(٢/٣٣٨)
---


الصفحة التالية
Icon