قوله: ﴿وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ﴾ "مَنْ" شرطيةٌ في محلِّ رفعٍ بالابتداء. وقد تقَدَّمَ الخلافُ في خبرِ اسمِ الشرطِ ما هو؟ ولا بُدَّ للتبديل من مفعولين: مُبَدَّل وبَدَل، ولم يَذْكر هنا إلا أحدَهما وهو المُبَدَّل، وحَذَفَ البَدَلَ، وهو المفعول الثاني لفهمِ المعنى. وقد صَرَّح به في قوله: ﴿بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً﴾ فكفراً هو المحذوفُ هنا. وكان قد تقدَّم عند قولِهِ تعالى: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ﴾ أن "بَدَّل" يتعدَّى لاثنين أحدُهما بنفسه وهو البدلُ وهو الذي يكون موجوداً وإلى الآخر بحرفِ الجر وهو المُبَدَّلُ وهو الذي يكون متروكاً، وقد يُحْذَفُ حرفُ الجَرِّ لفهمٍ المعنى فالتقدير هنا: "وَمَنْ يُبَدِل بنعمتِهِ كفراً"، فَحَذَفَ حرفَ الجر والبدل لفهمِ المعنى. ولا جائِزٌ أَنْ تُقَدِّر حرفَ الجر داخِلاً على "كفراً" فيكونَ التقديرُ: "وَمَنْ يُبَدِّل بالكفرِ نعمةَ الله" لأنه لا يترتَّبُ عليه الوعيد في قوله: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾. وكذلك قولُه: ﴿فَأُوْلَائِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾ تقديرُهُ: بسيئاتهم حسناتٍ، ولا يجوز تقديرُه: "سيئاتِهِم بحسناتٍ" لأنه لا يترتَّبُ على قوله: ﴿إِلاَّ مَن تَابَ﴾.
وقُرِىء: "يُبْدِل" مخففاً، و "مِنْ" لابتداءِ الغايةِ. و "ما" مصدريةٌ، والعائدُ من جملةِ الجزاءِ على اسمِ الشرطِ محذوفٌ لفهمِ المعنى أي: العقاب له، أو لأنَّ "أَلْ" نابَتْ منابَه عند الكوفيين.
* ﴿ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾
(٢/٣٤٧)
---