٩٢٥ - إنَّ الصنيعة لا تكونُ صنيعةً * حتى يُصابَ بها طريقُ المَصْنَعِ"
وأمَّا قولُه: ﴿وَمَا تَفْعَلُواْ﴾ فـ"ما" شرطيةٌ فقط لظهورِ عملها الجزمَ بخلافِ الأولى. وقرأ علي رضي الله عنه: "وام يفعلوا" بالياء على الغَيْبَة، فيُحْتمل أن يكونَ من بابِ الالتفات من الخطابِ، وأن يكونَ مِنْ الإِضمارِ لدلالةِ السياقِ عليه، أي: وما يفعلِ الناسُ.
* ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾
وقرىء: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ﴾: ببناءِ "كَتَب" للفاعل وهو ضميرُ اللهِ تعالى ونَصْبِ "القتال".
قوله: ﴿وَهُوَ كُرْهٌ﴾ هذه واوُ الحالِ، والجملةُ بعدها في محلِّ نصبٍ عليها والظاهرُ أنَّ "هو" عائدٌ على القتالِ. وقيل: يعودُ على المصدرِ المفهومِ من كَتَب، أي: وكَتْبُه وفَرْضُه. وقرأ الجمهورُ "كُرْهٌ" بضمِّ الكافِ، وقرأ السلميُّ بفتحِها. فقيل: هما بمعنىً واحدٍ، أي: مصدران كالضَّعْف والضُّعْف، قاله الزجاج وتبه الزمشخري. وقيل: المضمومُ اسمُ مفعولٍ والمفتوحُ المصدرُ. وقيل: المفتوحُ بمعنى الإِكراه، قالَه الزمخشري في توجيهِ قراءةِ السُّلَمي، إلا أنَّ هذا من بابِ مجيءِ المصدرِ على حَذْفِ الزوائدِ وهو لا ينقاسُ. وقيل: المفتوحُ ما أُكْرِهَ عليه المرءُ، والمضمومُ ما كَرِهَهُ هو.
فإن كان "الكَرْهُ" و "الكُرْه" مصدراً فلا بُدَّ من تأويلٍ يجوزُ معه الإِخبار به عن "هو"، وذلك التأويلُ: إمَّا على حَذْفِ مضاف، أي: والقتالُ ذو كُرْهٍ، أو على المبالَغَةِ، أو على وقوعِه موقعَ اسمِ المفعول. وإنْ قُلْنا: إنَّ "كُرْهاً" بالضمِّ اسمُ مفعولٍ فلا يُحْتاجُ إلى شيءٍ من ذلك. و "لكم" ي محلِّ رفعٍ، لأنه صفةٌ لكُره، فيتعلَّقُ بمحذوفِ أي: كرهٌ كائِنٌ.
(٢/٣٦٣)
---


الصفحة التالية
Icon