وقرأ ابن عباس والأعمش: "عن قتالٍ" بإظهارِ "عن" وهي في مصحفِ عبد الله كذلك، ، وقرأ عكرمة: "قَتْلٍ فيه، قل قتلٌ فيه" بغير ألف.
وقُرىء شاذاً: "قتالٌ فيه" بالرفع، وفيه وجهان، أحدهما: أنه مبتدأ والجارُّ والمجرورُ بعده خبرٌ، وسَوَّغ الابتداء به وهو نكرةٌ أنه على نيةِ همزةِ الاستفهامِ، تقديرُه: أقتالٌ فيه. والثاني: أنه مرفوعٌ باسم فاعل تقديرُه: أجائزٌ قتالٌ فيه، فهو عالٌ به. وعَبَّر أبو البقاء في هذا الوجهِ بان يكونَ خبر مبتدأٍ محذوفٍ، فجاء رفعُه من ثلاثةِ أوجهٍ: إمَّا مبتدأٌ وإمَّا فاعلٌ وإمَّا خبرُ مبتدٍ. قالوا: ويَظْهَرُ هذا من حيث إنَّ سؤالهم لم يكن عن كينونةِ القتالِ في الشهرِ أم لا، وإنما كان سؤالُهم: هل يجوزُ القتالُ فيه أولا؟ وعلى كِلا هذين الوجهين فهذه الجملةُ المُسْتَفْهَمُ عنها في محلِّ بدلاً من الشهرِ الحرامِ، لأن "سأل" قد أخَذَ مفعولَيْه فلا تكونُ هي المفعولَ وإن كانت مَحَطَّ السؤالِ.
وقوله: ﴿فِيهِ﴾ على قراءةِ خفضٍ "قتالٍ" فيه وجهان، أحدُهما: أنه في محلِّ خفضٍ لأنه صفةٌ لـ"قتال". والثاني: أنه في محلِّ نصبٍ لتعلُّقه بقتال لكونه مصدراً. وقال أبو البقاء: "كما يتعلَّقُ بقاتل". ولا حاجة إلى هذا التشبيه، فإنَّ المصدر عاملٌ بالحَمْلِ على الفعلِ. والضميرُ في "يسألونك" قيل للمشركين، وقيل للمؤمنين. والألفُ واللامُ في "الشهر" قيل: للعهدِ وهو رجب، وقيل: للجنسِ فَيَعُمُّ جميعَ الأشهرِ الحُرُمِ.
(٢/٣٦٧)
---