الرابع: أَنْ يتعلَّقَ بفعلٍ محذوفٍ دَلَّ عليه المصدرُ تقديرُه: ويَصُدُّون عن المسجدِ، كما قال تعالى: ﴿هُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ قاله أبو البقاء، وجَعَله جيداً. وهذا غيرُ جيد لأنه يَلْزَمُ منه حذفُ حرفِ الجرِ وإبقاءُ عملهِ، ولا يجوزُ ذلك إلا في صورٍ ليس هذا منها، على خلافٍ في بعضها، ونصَّ النحويون على أنَّه ضرورةٌ كقوله:
٩٣٩ - إذا قيل: أيُّ الناسِ شَرُّ قبيلةٍ *أشارَتْ كليبٍ بالأكفِّ الأصابعُ
أي: إلى كليب فهذه أربعة أوجه، أجودها الثاني.
وأمَّأ رفعُه فوجهُه أنَه عَطْفٌ على "وكفرٌ به" على حَذْفِ مضافٍ تقديرُه "وكفرٌّ بالمسجدِ" فَحُذِفَتْ الباءُ وأُضيف "كفرٌ" إلى المسجدِ، ثم حُذِفَ المضافُ وأُقيم المضافُ إليه مُقامه، ولا يَخْفَى ما فيه من التكلُّفِ، إلا أنه لا تُخَرَّجُ هذه القراءةُ الشاذاةُ بأكثرُ مِنْ ذلك.
قوله: ﴿وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ﴾ عَطْفٌ على "كفرٌ" أو "صدٌ" على حَسَبِ الخلافِ المقتدَّمِ، وهو مصدرٌ حُذِفَ فاعلُه، وأُضيف إلى مفعولُه، تقديرُه: "وإخراجُكم أهلَه". والضميرُ في "أهله" و "مِنه" عائدٌ على المسجدِ وقيل: الضميرُ في "منه" عائدٌ على سبيلِ الله، والأول أظهرُ و "منه" متعلِّقٌ بالمصدرِ.
قوله: ﴿أَكْبَرُ﴾ فيه وجهان، أحدثهما: أنه خبرٌ عن الثلاثةِ، أعني: صداً وكفراً وإخراجاً كما تقدَّم، وفيه حينئذٍ احتمالان، أحدُهما: أن يكونَ خبراً عن المجموعِ، والاحتمالُ الآخرُ أن يكونَ خبراً عنها باعتبارِ كلِّ واحدٍ، كما تقول: "زيدٌ وبكرٌ وعمرٌ أفضلُ من خالدٍ" أي: كلُّ واحِدٍ منهم على انفرادِه أفضلُ من خالدٍ. وهذا هو الظاهرُ. وإنما أُفْرِد الخبرُ لأنه أفضلُ من تقديرِه: أكبر من القتال في الشهرِ الحرامِ. وإنِّما حُذِفَ لدلالةِ المعنى.
(٢/٣٧٣)
---


الصفحة التالية
Icon