الثاني من الوجهين في "أكبر": أن يكونَ خبراً عن الأخير، ويكون خبر "وصد" و "كفر" محذوفاً لدلالة خبر الثالث عليه تقديرُه: وصد وكفر أكبر. قال أبو البقاء / كما قدَّره بعضهم؛ لأن ذلك يوجب أن يكون إخراج أهل المسجد منه حُذِفَ خبر "وصد" و "كفر" لدلالة خبر "قتال" عليه أي: القتال في الشهر الحرام كبير، والصد والكفر كبيران أيضاً، وإخراجُ أهل المسجد أكبرُ من القتالِ في الشهر الحرام. ولا يلزم من ذلك أن يكونَ أكبرَ من مجموعِ ما تقدَّم حتى يلزمَ ما قاله من المحذوف.
قوله: ﴿عِندَ اللَّهِ﴾ متعلِّق بـ"أكبر"، والعنديةُ هنا مجازٌ لِما عُرف. وصرح هنا بالمفضول في قوله: ﴿حَتَّى يَرُدُّوكُمْ﴾؛ لأنه لا دلالة عليه لو حُذِفَ، بخلاف الذي قبله حيث حُذِفَ. قوله: "حتى يَرُدُّوكم" حتى حرف جر، ومعناها يَحتمل وجهين: أحدهما: الغاية، والثاني: التعليل بمعنى كي، والتعليلُ أحسنُ لأن فيه ذِكْرَ الحامل لهم على الفعل، والغاية ليس فيها ذلك، ولذلك لم يَذْكر الزمخشري غيرَ كونِها للتعليل قال: "وحتى" معناها التعليل كقولك: فلان يعبد الله حتى يدخل الجنة" أي: "يقاتلونكم كي يردُّكم" ولم يذكر ابن عطية غير كونها غايةً قال: "ويردُّوكم" نصب بـ"حتى" لأنها غاية مجردة" وظاهر قوله: "منصوب بحتى" أنه لا يُضْمِر "أَنْ" لكنه لا يريدُ ذلك وإن كان بعضهم يقول بذلك. الفعلُ بعدها منصوبٌ بضمار أن وجوباً.
(٢/٣٧٤)
---


الصفحة التالية
Icon