(٢/٣٧٧)
---
٩٤٠ - إذا لَسَعَتْه النحلُ لَم يَرْجُ لَسْعَها * وخالَفَها في بَيْتِ نُوبٍ عَواسلِ
أي: لم يخف /، وقال تعالى: ﴿لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا﴾ أي: لا يَخافون، وهل إطلاقُه عليه بطريقِ الحقيقةِ أو المجازِ؟ فزعم قومٌ أنَّه حقيقةٌ، ويكونُ من الاشتراك اللفظي، وزعم قومٌ أنه من الأضدادِ، فهو اشتراكٌ لفظي أيضاً. قال ابنُ عطية: "وليس هذا بجيدٍ". يعني أن الرجاء والخوفَ ليسا بضدين إذ يمكنُ اجتماعُهما، ولذلك قال الراغب: - بعد إنشادِه البيتَ المتقدم - "ووجْهُ [ذلك] أن الرجاءَ والخوفَ يتلازمان"، وقال ابن عطية: "والرجاءُ أبداً معه خوفٌ، كما أن الخوفَ معه رجاءٌ". وزعم قومٌ أنه مجازٌ للتلازمِ الذي ذكرناه عن الراغب وابنِ عطية.
وأجاب الجاحظُ عن البيتِ بأنَّ معناه لَم يَرْجُ بُرْءَ لَسْعِها وزواله فالرجاءُ على بابه". وأمَّا قولُه: ﴿لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا﴾ أي لا يَرْجُون ثوابَ لقائِنا، فالرجاءُ أيضاً على بابِه، قاله ابنُ عطية. وقال الأصمعي: "إذا اقترن الرجاءُ بحرفِ النفي كان بمعنى الخوفِ كهذا البيتِ والآيةِ. وفيه نظرٌ إذ النفيُ لا يُغَيِّر مدلولاتِ الألفاظِ.
وكُتبت "رحمة" هنا بالتاءِ: إمَّا جرياً على لغةِ مَنْ يَقِفُ على تاءِ التأنيث بالتاءِ، وإمَّا اعتباراً بحالِها في الوصلِ، وهي في القرآن في سبعةِ مواضعَ كُتبت في الجميع تاءً، هنا وفي الأعراف: ﴿إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ﴾، وفي هود: ﴿رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ﴾ وفي مريم: ﴿ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ﴾، وفي الروم: ﴿فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ﴾، وفي الزخرف: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ... وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ﴾
(٢/٣٧٨)
---


الصفحة التالية
Icon