(٢/٤٠٦)
---
"للذين" بإعادةِ العاملِ، وإلاَّ يبقَ قولُه "للذين يُؤْلُون" مُفْلَتاً. وبالجملةِ فتعلُّقه بالاستقرار غيرُ ظاهرٍ. وأمَّا تقديرُ الشيخِ: "والذين يُؤْلون لم من نسائهم تربُّصُ" فليس كذلك، لأنَّ "الذين لو جاء كذلك غيرَ مجرورِ باللام سَهُل الأمرُ الذي ادَّعاه، ولكن إنما جاءَ كما تراه مجروراً باللام. ثم قال الشيخ: "وهذا كلَّه ضعيفٌ يُنَزَّه القرآنُ عنه، وإنما يتعلَّق بيُؤْلُون علَى أحدِ وجهين: إمَّا أنْ تكونَ "مِنْ" للسبب، أي يَحْلِفون بسببِ نسائِهم، وإمَّا أَنْ يُضَمَّنَ معنى الامتناع، فيتعدَّى بـ"مِنْ"، فكأنه قيل: للذين يمتنعون من نسائِهم بالإِيلاءِ، فهذان وَجْهان مع الستة المتقدمة، فتكونُ ثمانيةً، وإن اعتَبَرْتَ مطلقَ التضمينِ فتجيءُ سبعةً.
والإِيلاءُ: الحَلْف، مصدرُ آلى يُولي نحو: أَكْرم يُكرِم إكراماً، والأصل: إإلاء، فأُبْدِلت الهمزةُ الثانيةُ ياءً لسكونِها وانكسار ما قبلها نحو: "إيمان".
ويقال تَأَلَّى وايتَلى على افْتَعل، والأصلُ: اإتَلْى، فَقُلِبَتْ الثانيةُ لِما تقدَّم.
والحلَلْفَةُ: يُقال لها الأَلِيَّة والأَلُوَّة والأَلْوَةِ والإِلْوَة، وتُجْمَعُ الأَلِيَّةُ على "ألايا" كعَشِيَّة وعَشايا، ويجوزُ أن تُجْمَعَ الأَلُوَّة أيضاً على "ألايا" كرَكُوبة ورَكائب. قال كُثَيِّر عزة:
٩٦٦ - قليلُ الأَلايا حافظٌ ليمينِه * إذا صَدَرَتْ منه الأَلِيَّةُ بَرَّتِ
وقد تقدَّم كيف تصريفُ أَلِيّضة وأَلايا عند قولِه: ﴿نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ﴾ جمع خطيئة.
والتَّرَبُّصُ: الانتظارُ، وهو مقلوبُ التصبُّر. قال:
٩٦٧ - تَرَبَّصْ بها رَيْب المنونِ لعلَّها * تُطَلَّقُ يوماً أو يموتُ حليلُها
(٢/٤٠٧)
---