و "يقول": فعل مضارع وفاعله ضميرٌ عائد على "مَنْ"، والقولُ حقيقةً: اللفظُ الموضوعُ لمعنىً، ويُطْلَقُ على اللفظِ الدالِّ على النسبةِ الإسناديةِ وعلى الكلام النفساني أيضاً، قال تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ فِيا أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ﴾ وتراكيبه الستة وهي: القول واللوق والوقل والقلو واللقو والولق تَدُلُّ على الخفَّةِ والسرعةِ، وإنْ اختصَّتْ بعضُ هذه الموادِّ بمعانٍ أُخَرَ. والقولُ أصلُ تعديتِه لواحدٍ نحو: "قُلْتُ خطبةً"، وتُحْكى بعده الجملُ، وتكون في حلِّ نصب مفعولاً بها إلا أَنْ يُضَمَّنَ معنى الظن فيعملَ عَمَلَه بشروطٍ عند غير بني سُلَيْم مذكورةٍ في كتب النحو، كقوله:
١٦٧- متى تقولُ القُلُصَ الرواسِما * يُدْنِيْنَ أمَّ قاسمٍ وقاسما
وبغير شرط عندهم كقوله:
١٦٨- قالتْ وكنتُ رجلاً فطيناً * هذا لَعَمْرُ اللهِ إسرائينا
و "آمَنَّا": فعلٌ وفاعلٌ، و "بالله" متعلقٌ به، والجملةُ في محلِّ نصب بالقول، وكُرِّرَت الباءُ في قوله "وباليومِ" للمعنى المتقدِّم في قوله: ﴿وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ﴾ وقد سأل سائل فقال: الخبرُ لا بد وأن يفيدَ غيرَ ما أفاده المبتدأ، ومعلومٌ أن الذي يقولَ كذا هو من الناس لا من غيرهم. واُجيب عن ذلك: بأن هذا تفصيلٌ معنويٌّ لأنه تقدَّم ذِكْرُ المؤمنين، ثم ذِكْرُ الكافرين، ثم عَقَّبَ بذِكْر المنافقين، فصار نَظيرَ التفصيلِ اللفظي، نحو قوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ﴾ ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي﴾ فهو في قوةِ تفصيلِ الناسِ إلى مؤمنٍ وكافرٍ ومنافقٍ، وأحسنُ مِنْ هذا أن يُقالَ: إن الخبرَ أفادَ التبعيضَ المقصودَ لأن الناس كلهم لم يقولوا ذلك. وهم غيرُ مؤمنين فصارَ التقديرُ: وبعضُ الناسِ كَيْتَ وكَيْتَ.
(١/٨٣)
---


الصفحة التالية
Icon