و "يُخَدِّعون"، مِنْ خَدَّعَ مشدداًـ و "يَخَدَّعون" بفتح الياء والتشديد والصل: يَخْتَدِعون فأدغم.
﴿وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ هذه الجملةُ الفعليةُ، يُحتمل ألاَّ يكونَ لها مَحَلٌّ من الإعراب، لأنها استئنافٌ، وأن يكونَ لها محلٌّ وهو النصبُ على الحال من فاعل "يَخْدعون"، والمعنى: وما يَرْجِعِ وبالُ خِداعِهم إلا على أنفسِهم غيرَ شاعِرين بذلك. ومفعولُ "يَشْعُرون" محذوفٌ للعلم به، تقديرُه: وما يشعرون أنَّ وبالَ خداعِهم راجعٌ على أنفسِهم، أو اطَِّلاعِ اللهِ عليهَم، والأحسنُ ألاَّ يُقَدَّرَ له مفعولٌ لأنَّ الغرضَ نفيُ الشعورِ عنهم البتةَ من غير نظرٍ إلى مُتَعَلِّقِهِ، والأولُ يُسَمَّى حذفَ الاختصارِ، ومعناه حَذْفُ الشيءِ لدليلٍ، والثاني يُسَمَّى حذفض الاقتصار، وهو حَذْفُ الشيءِ لا لدليلٍ.
والشعورُ: إدراكُ الشيء من وجهٍ يَدِقُّ ويَخْفَى، مشتقٌّ من الشَّعْرِ لدقَّته، وقيل: هوالإدراك بالحاسَّة مستقٌّ من الشِّعار، وهو ثوبٌ يَلي الجسدَ، ومنه مشاعرُ الإنسانِ أي حواسُّه الخمسُ التي يَشْعُرُ بها.
* ﴿ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾
قولُه تعالى: ﴿فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ﴾: الآية. الجارُّ والمجرورُ خبرٌ مقدمٌ واجبُ التقديمِ لِما تَقَدَّم ذِكْرُه في قوله: ﴿وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ﴾ والمشهورُ تحريك الراءِ مِنْ "مَرَض"، ورَوى الأصمعي عن أبي عمرو سكونَها، وهما لغتان في مصدر مَرِضَ يَمْرَض. والمرضُ: الفتورُ، وقيل: الفساد، ويُطلق على الظلمة، وانشدوا:
١٧٨- في ليلةٍ مَرِضَتْ من كلِّ ناحيةٍ * فما يُحَسُّ بها نَجمٌ ولا قَمَرُ
أي لظلمتها، ويجوزُ أن يكونَ اراد بمَرِضَتْ فَسَدت، ثم بيَّن جهةَ الفسادِ بالظلمةِ.
(١/٨٩)
---


الصفحة التالية
Icon