واختلفوا أيضاً: هل ذلك الفعلُ أوٌ أو خبرٌ. فذهب الفراء أنه أمْرٌ تقديرُه: اقرأ أنت باسم الله، وذهب الزجاج أنه خبرٌ تقديره: اقرأ أنا أو أبتَدِئُ ونحوهُ.
و "الله" في "بسم الله" مضافٌ إليه، وهل العاملُ في المضاف إليه المضافُ أو حرفُ الجرِّ المقدََّرِ أو معنى الإضافة ثلاثةُ أقوال خَيْرُها أوسطُها. وهو عَلَمٌ على المعبودِ بحق، لاَ يُطلق على غيره، ولَم يَجْسُرْ أحدٌ من المخلوقين أن يَتَسَّمى به، وكذلك الإله قبل النقل والإدغامِ لا يُطْلق إلا على المعبودِ بحقٍّ. قال الزمخشري: "كأنه صار عَلَماً بالغلَبة"، وأمّا "إله" المجردُ من الألف واللام فيُطلق على المعبود بحقٍّ وعلى غيره، قال تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ ﴿وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهَا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ﴾، ﴿[أَرَأَيْتَ] مَنِ اتَّخَذَ إِلَاهَهُ هَوَاهُ﴾ واختلف الناسُ هل هو مُرْتَجَلٌ أو مشتق؟، والصوابُ الأولُ، وهو أعرفُ المعارف. يُحْكى أن سِيبوِيه رُئيَ في المنام فقيل [له] ما فعلَ اللهُ بك؟ فقال: خيراً كثيراً، لجَعْلِي اسمَه أعرفَ المعارفِ.
ثم القائلونَ باشتقاقِه اختلفوا اختلافاً كثيراً، فمنهم مَنْ قال: هو مشتقٌّ من لاهَ يليه أي ارتفع، ومنه قيل للشمس: إلاَهة بكسر الهمزة وفتحها لارتفاعها، وقيل: لاتخاذِهِم إياها معبوداً، وعلى هذا قيل: "لَهْيَ أبوك" يريدونَ: للهِ أبوك، فَقَلَب العينَ إلى موضع اللام. وخَفَّع فَحَذَفَ الألفَ واللامَ وحَذَفَ حرفَ الجرِ. وأَبْعد بعضُهم فَجَعَلَ مِنْ ذلك قولَ الشاعر:
٢٤- ألا ياسَنا بَرْقٍ على قُلَلِ الحِمى * لَهِنَّكَ من برقٍ عليَّ كريمُ
(١/٩)
---