قوله تعالى: ﴿أَلاا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ﴾: الآية. "ألا" حلاف تنبيه واستفتاح، وليست مركبةً مِنْ همزةِ الاستفهام ولا النافيةِ، بل هي بشسيطةٌ، ولكنها لفظٌ مشتركٌ بين التنبيه والاستفتاح، فتدخلُ على الجملة اسميةً كانت أو فعلية، وبين العَرْض والتخصيص، فتختصُّ بالأفعال لفظاً أو تقديراً، وتكون النافيةَ للجنس دَخَلَتْ عليها همزةُ الاستفهام، ولها أحكامٌ تقدَّم بعضها عند قوله ﴿لاَ رَيْبَ فِيهِ﴾ وتكونُ للتمني فتجري مَجْرى "ليت" في بعض أحكامِها. وأجاز بعضُهم أن تكون جواباً بمعنى بلى، يقول القائل: لم يقم زيد، فتقول: ألا، بمعنى بلى قد قام، وهو غريب.
و "إنهم" "إنَّ" واسمُها، و "هم" تَحْتمل ثلاثةَ أوجه، أحدها: أن تكون تأكيداً لاسم "إنَّ" لأنَّ الضميرَ المنفصلَ المرفوعَ يجوز أن يؤكَّد به جميعُ ضروبِ الضميرِ المتصلِ، وأن تكون فصلاً، وأن تكونَ مبتدأ و "المفسدون" خبره، وهما خيرٌ لـ "إنَّ"، وعلى القَوْلَيْن الأَوَّلَيْن يكونُ "المفسدون" وحده خبراً لإِنَّ. وجيء في هذه الجملة بضروبٍ من التأكيد، منها: الاستفتاحُ والتنبيه والتأكيدُ بأنَّ وبالإتيانِ وبالتاكيدِ أو الفصلِ بالضميرِ وبالتعريفِ في الخبر مبالغةً في الردِّ عليهم فيما ادَّعوه من قولهم: إنما نحن مصلحون، لأنهم أَخْرجوا الجوابَ جملةً اسمية مؤكَّدة بإنما، لِيَدُلُّوا على ثبوتِ الوصفِ لهم فردَّ الله عليهم بأبلَغَ وآكدَ مِمَّا ادَّعَوه.
قوله: ﴿وَلَاكِن لاَّ يَشْعُرُونَ﴾ الواوُ عاطفةٌ لهذه الجملةِ على ما قبلها و "لكن" معناها الاستدراكُ، وهو معنىً لا يفارقها، وتكون/ عاطفةً في المفردات، ولا تكون إلا بين ضِدَّيْن أو نقيضَيْن، وفي الخلافين خلافٌ، نحو: "ما قام زيدٌ لكن خرج بكر"، واستدلَّ بعضُهم على ذلك بقولِ طرفة:
١٩٠- ولستُ بحَلاَّلِ التِّلاعِ لِبَيْتِهِ * ولكن متى يَسْتَرْفدِ القومُ أَرْفِدِ
(١/٩٨)
---